الدعاء لوجع العين
الشيخ مهدي مجاهد
منذ 4 أسابيعتُعَدّ العين من أهم الحواس التي أنعم الله بها على الإنسان، وهي النافذة التي يرى من خلالها العالم، ولذلك عندما تتعرض لأي ألم أو مرض يكون الشعور بالضيق شديدًا. في هذا السياق، تعددت الروايات والأدعية التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام لعلاج وجع العين والوقاية منه. هذه الأدعية والروايات لا تعدّ فقط وسيلة للتقرب إلى الله وطلب الشفاء، ولكنها تحمل في طياتها بركةً وروحانية تعزز الراحة النفسية والجسدية.
من بين تلك الأدعية، ورد عن الإمام الصادق عليه السلام دعاء يُقال بعد صلاتي الفجر والمغرب، يدعو فيه المؤمن أن يمنّ الله عليه بالنور في بصره والبصيرة في دينه، سائلًا اليقين والإخلاص والسلامة. إلى جانب ذلك، ذكرت بعض العوذات التي كان أئمة أهل البيت عليهم السلام يستخدمونها لعلاج آلام العين، مثل العوذة التي ذكرها الإمام الصادق عليه السلام عندما شُفي من الرمد، حيث تضمّنت الاستعاذة بعزة الله وقدرته ونوره.
كما تضمنت المصادر الإسلامية مجموعة من الأعمال المجربة الأخرى للوقاية والعلاج من وجع العين، منها قراءة آية الكرسي بنيه الشفاء، واستخدام آية النور كعلاج للعشاوة وضعف البصر. وهنا سنذكر لكم الآيات والروايات الواردة التي لرفع وجع العين.
لوجع العين يقرأ هذا الدعاء بَعدَ فريضتي الصبح والمَغرب
ورد في الخبر عن ابن أبي عمير ، عن محمد الجعفي ، عن أبيه قال : كنت كثيرا ما أشتكي عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال :
ألا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك ، وتكفى به وجع عينك؟ فقلت : بلى ، فقال : تقول في دبر الفجر ودبر المغرب : « اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ النُّورَ فِي بَصَرِي ، وَالبَصِيرَةَ فِي دِينِي ، وَاليَقِينَ فِي قَلْبِي ، وَالاِخْلاصَ فِي عَمَلِي ، وَالسَّلامَةَ فِي نَفْسِي ، وَالسّعَةَ فِي رِزْقِي ، والشُكْرَ لَكَ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي » (1).
وروى البزنطي عن يونس بن ظبيان ، قال :
دخلنا على الصادق عليه السلام وهو أرمد شديد الرّمد ، فاغتممنا لذلك ، ثم أصبحنا من الغد فدخلنا عليه فإذا لا رمد بعينيه ، ولا به قلبة فقلنا : جعلنا فداك ، هل عالجت عينك بشي؟ فقال : نعم بما هو من العلاج.
فقلنا : ما هو؟ فقال : عوذة فكتبناها وهي : « أعوذُ بِعِزَّةِ الله وَأعوذُ بِقُوَّةِ الله وَأعوذُ بِقُدْرَةِ الله وَأعوذُ بِنُورِ الله وَأعوذُ بِعَظَمَةِ الله وَأعوذُ بِجَلالِ الله وَأعوذُ بِجَمالِ الله وَأعوذُ بِبَهاءِ الله وَأعوذُ بِجَمْعِ اللّهِ. قلنا : وما جمع الله؟ قال : بِكُلِّ الله وَأعوذُ بِعَفْوِ الله وَأعوذُ بِرَسولِ الله وَأعوذُ بِالائِمَةِ .. وسمّى واحداً واحداً ، ثم قال : عَلى مانَشاءُ مِنْ شَرِّ ما أجِدُ. اللّهُمَّ رَبَّ المُطيعينَ » (2).
آية الكرسي ووجع العين
فقد روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
حدّثني أبي عن جدّي عن آبائه عليهم السلام أنّ أمير المؤمنين علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يُصلح للمسلم في دينه ودُنياه أحد هذه الأمور هو : « إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ عَيْنَيْهِ فَلْيَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ لْيُضْمِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا تَبْرَأُ فَإِنَّهُ يُعَافَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ » (3).
وإذا وضع قبل قراءة الآية يده على عينيه وقال : « أعيذُ نورَ بَصَري بِنورِ الله الَّذي لايُطْفَاء » نفعه ذلك (4) .
عوذة لضعف الباصرة والشبكور (العشاوة)
عن أبي يوسف المعصب قال : قلت لابي الحسن الاول عليه السلام : أشكو إليك ما أجد في بصري وقد صرت شبكورا ، فإن رأيت أن تعلمني شيئا؟ قال : أكتب هذه الاية :
﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ (5)
ـ ثلاث مرات ـ في جام ثم اغسله وصيره في قارورة واكتحل به ، قال : فما اكتحلت إلا أقل من مائة ميل حتى صح بصري أصح مما كان أول ما كنت (6).
النظر في القرآن وفائدته للبصر
وقال أبو عبد الله عليه السلام :
« من قرأ في المصحف نظرا متع ببصره » (7).
وروي أيضاً أنّه
من كان يقول في كل يوم : ﴿ فَجَعَلْناهُ سَميعاً بَصيراً ﴾ (8) ؛ تسلم عينيه من الآفات (9).
قال صاحب كتاب المصباح الشيخ الكفعمي قد جرّب أنّ التوسل بالإمام موسى عليه السلام ينفع لوجع العين ولاوجاع سائر الأعضاء (10).
صلاة لوجع العين
صلاة لوجع العين :
ركعتين يقرأ في كل فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون ثلا مرات ، وقوله تعالى :
﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ (11) الاية (12).
صلاة للاعمى
روى أبوجعفر الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام :
« مر أعمى على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي تشتهى أن يرد الله عليك بصرك ؟ قال : نعم ، فقال له عليه السلام : توضأ وأسبغ الوضوء ثم صل ركعتين وقل اللهم إني أسئلك وأرغب إليك وأتوجه بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك أن يرد على بصري. قال : فما قام صلى الله عليه وآله حتى رجع الاعمى وقد رد الله عليه بصره » (13).
عوذة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام
عن محمد بن مسلم ، عن الإمام الصادق عليه السلام ، عن آبائه : قال :
« قال علي بن أبي طالب عليه السلام : لما دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر قيل له : يا رسول الله إنه أرمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ائتوني به ، فأتيته ، فقلت : يا رسول الله إني أرمد لا أبصر شيئا ، قال : فقال : ادن مني يا علي ، فدنوت منه فمسح يده على عيني فقال « بسم الله وبالله ، والسلام على رسول الله ، اللهم اكفه الحر والبرد ، وقه الازدى والبلاء » قال علي عليه السلام : فبرأت والذي أكرمه بالنبوة ، وخصه بالرسالة ، واصطفاه على العباد ، ما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا ولا أذى في عيني .
قال : وكان علي عليه السلام ربما خرج في اليوم الشاتي الشديد البرد ، وعليه قميص شف (14) فيقال : يا أمير المؤمنين أماتصيب البرد؟ فقال : ما أصابني حر ولا برد منذ عوذني رسول الله صلى الله عليه وآله ، وربما خرج إلينا في اليوم الحار الشديد الحر في جبة محشوة فيقال له : أماتصيبك ما يصيب الناس من شدة هذا الحر حتى تلبس المحشوة؟ فيقول : لهم مثل ذلك » (15).
للوقاية من وجع العين بعد العطسة
جاء في الخبر عن أبي أُسامة قال : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :
« مَنْ سَمِعَ عَطْسَةً فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وَ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ يَشْتَكِ عَيْنَيْهِ وَ لَا ضِرْسَهُ ثُمَّ قَالَ إِنْ سَمِعْتَهَا فَقُلْهَا وَ إِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ الْبَحْرُ » (16).
عبرة من وجع العين
أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام اشْتَكَى عَيْنَهُ فَعَادَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله فَإِذَا هُوَ يَصِيحُ فَقَالَ: « النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله أَ جَزَعاً أَمْ وَجَعاً (17) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجِعْتُ وَجَعاً قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ لِقَبْضِ رُوحِ الْكَافِرِ نَزَلَ مَعَهُ سَفُّودٌ(18) مِنْ نَارٍ فَيَنْزِعُ رُوحَهُ بِهِ فَتَصِيحُ جَهَنَّمُ فَاسْتَوَى عَلِيٌّ ع جَالِساً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ فَلَقَدْ أَنْسَانِي وَجَعِي مَا قُلْتَ ثُمَّ قَالَ هَلْ يُصِيبُ ذَلِكَ أَحَداً مِنْ أُمَّتِكَ- قَالَ نَعَمْ حَاكِمٌ جَائِرٌ وَ آكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً وَ شَاهِدُ زُورٍ » (19).
وفي ختام المقال، نجد أن تلك الأدعية والوصايا تمثل جزءًا من التراث الروحي والديني الذي يعتمد على الإيمان والقرب من الله طلبًا للشفاء والبركة.
1ـ الكافي : الشيخ الكليني / المجلّد : 2 / الصفحة : 550 / ط الاسلامية.
2ـ مستطرفات السرائر / ابن إدريس الحلي / المجلّد : 1 / الصفحة : 579.
3ـ الخصال / الشيخ الصدوق / المجلّد : 2 / الصفحة : 616.
4ـ المصباح جنة الأمان الواقية و جنة الإيمان الباقية / الشيخ ابراهيم الكفعمي العاملي / المجلد : 1 الصفحة : 176.
5ـ سورة نور : الآية 35.
6ـ مكارم الاخلاق / رضي الدين الطبرسي /المجلّد : 1 / الصفحة : 375 / مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
7ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 91 / ط مؤسسة الوفاء.
8ـ سورة الانسان : الآية 2.
9ـ مكارم الاخلاق / رضي الدين الطبرسي / المجلّد : 1 / الصفحة : 375.
10ـ المصباح- جنة الأمان الواقية و جنة الإيمان الباقية / الشيخ ابراهيم الكفعمي العاملي / المجلّد : 1 / الصفحة : 176.
11ـ سورة الأنعام : الآية 59.
12ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 91 / الصفحة : 373 / ط مؤسسة الوفاء.
13ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 91 / الصفحة : 373 / ط مؤسسة الوفاء.
14ـ الشف من الثياب : الثوب الرقيق يظهر ما تحته.
15ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 95 / الصفحة : 87 / ط مؤسسة الوفاء.
16ـ الكافي / الشيخ الكليني / المجلّد : 2 / الصفحة : 656 / ط الاسلامية.
17ـ يعني صياحك من الجزع و عدم الصبر أو من شدة الوجع؟.
18ـ السفّود- كتنّور- بالتشديد-: الحديدة التي يشوى بها اللحم.
19ـ الكافي / الشيخ الكليني / المجلّد : 3 / الصفحة : 254 / ط الاسلامية.
التعلیقات