إذا كانت السنّة قد أظهرت عدم البناء على القبور ، فما بال قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله عليه البناء والقبّة الخضراء ، وهل كان المسلمون بما فيهم الصحابة والتابعون والفقهاء والعلماء وأئمّة الحديث وأئمّة المذاهب جاهلين بهذه السنّة ، أو غير مبالين بها.وهذا قبر البخاري وضريحه موجود إلى اليوم ، وعليه بناء وقبّة ويزوره الآلاف من المسلمين من أهل السنّة. وقبر أبي حنيفة موجود في بغداد وعليه بناء وقبّة ، وقبر الشافعي في مصر والقبور التي هدمها الوهابيّون الذين هم أتباع ابن تيميّة كان عليها بناء ومشاهد وقبب.وهذا حرم الإمام الحسين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب والإمام موسى بن جعفر والإمام الجواد محمّد بن علي بن موسى بن جعفر وقبر الإمام الرضا في طوس وقبور الأئمّة في سامراء يزورها الملايين من المسلمين سنّة وشيعة ، فكيف خالف المسلمون هذه السنّة المدعاة على مرّ السنين والاعصار ولم يلتفت إليها إلّا الوهابيّون أتباع ابن تيميّة ؟!! وهل هذا إلّا إتّهام السفل الصالح بعدم المبالاة في الدين ؟وإليك بعض تصريحات العلماء والفقهاء وأئمّة الحديث من أهل السنّة في زيارة القبور التي عليها البناء والعمارة والقبب :١. اخرج الخطيب البغدادي في تاريخه ج ١ / ١٢٠ باسناده عن أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، قال : سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال ـ شيخ الحنابلة في عصره ـ يقول : ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به إلا سهّل الله تعالى لي ما أحبّ.٢. وفي شذرات الذهب ٢ / ٤٨ ، توفي ببغداد الشريف أبو جعفر محمّد بن الجواد بن علي بن موسى الرضا الحسيني أحد الاثنى عشر إماماً الذين تدعى فيهم الرافضة العصمة ودفعن عند جدّه موسى ومشهدهما ينتابه العامّة بالزيارة.٣. قال أبو بكر محمّد بن المؤمّل : خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله ابن علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى علي بن موسى الرضا بطوس قال : فرأيت من يعظّمه ـ يعني ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا.٤. مشهور رأس الحسين عليه السلام بمصر ، قال ابن جبير المتوفى ٦١٤ في رحلته ص ١٢ : هو في تابوت فضّة مدفون تحت الأرض قد بني عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ...٥. قال ابن بطوطة في رحلته ١ / ١٤٢ قبر الإمام أبي حنيفة عليه قبة عظيمة ...وقال الذهبي في « دول الإسلام » ص ٧٩ : وقبره عليه مشهد كبير وقبّة عالية ببغداد ، وقال ابن خلكان في تاريخه ٢ / ٢٩٧ : قبره مشهور يزار بني عليه المشهد والقبة سنة ٤٥٩.٦. وقال الذهبي في « دول الإسلام » ٢ / ١٠٥ : ان الملك الكامل عمّر قبّة على ضريح الشافعي رحمة الله عليه.٧. ويظهر من الروايات انّ قبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان عليه بناء حتّى في عصر الصحابة ، فقد ورد انّه أصاب الناس في المدينة قحط وجدب شديد فأمرت عائشة أن يُحدثوا كوّة في البناء الموجود على قبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ليظهر القبر تحت السماء ولما فعلوا ذلك نزل المطر ببركة قبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ.أقول : ما بال الصحابة بنوا بناء على قبر النبي صلّى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر إن كان البناء على القبر حراماً أو مكروهاً.