السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهأيها الإخوة الكرام، إن القول بتعريف القرآن لا يخلوا من ثلاثة احتمالات:١-أن يكون القرآن عبارة عن وجود خارجي (اللفظ والصوت والحرف إلخ)محض بدون وجود ذهني في ذات الله تعالى، فيكون القرآن محض الصوت٢-أن يكون القرآن هو محض الوجود الذهني في ذات الله وعلمه للنص٣-أن يكون القرآن هو الوجود الخارجي (اللفظ والصوت والحرف) والوجود الذهني (وجوده بالذهن ومعرفته قبل النطق به)معاًأمّا الأول فباطل ممتنع لأنه يعني أن الله تعالى لم يكن يعلم كيف سيكون القرآن قبل أن يقول به فتكونون أثبتم لله جهلاً وهو منزه عن الجهل، فيكون باطلاً، أمّا الثالث فهو باطل لأنه يعني خلق القرآن وعدم خلقه بنفس الوقت، لأنه صوت ومعنى والمعنى قديم والصوت حادث فتكونون جمعتم النقيضين، فيكون باطلاً، فلم يبقَ إلا أن تقولوا أن القرآن ماهو إلا الصورة الذهنية في ذات الله تعالى، حيث أن الله تعالى علم منذ القدم محتويات القرآن وعلم أن الآية الأولى من سورة الفاتحة مثلاً ستكون الحمدلله رب العالمين، فإن أنكرتم علمه منذ القدم قلتم بالجهل وحدوث العلم وهذا باطل، فإن قلتم بقدم العلم قلتم بقدم القرآن ضرورةً إذ أنه الوجود الذهني، ولأضرب في ذلك مثلاً فلنفرض أن هناك رجلاً أصم وأبكم وأعمى، فلا يستطيع السمع ولا يستطيع القراءة ولا يستطيع التكلّم، إلا أنه يحفظ في قلبه القرآن الكريم، فنأتي لهذا الذي في قلبه، أهو القرآن أم ليس القرآن؟ فإن قلتم ليس القرآن نقول باطل لأنه هو عينه القرآن إلا أنه محفوظ بالصدور فلم يبق إلا أن تقولوا أنه القرآن فيكون على ذلك كما تحقق والله تعالى أعلى وأعلم أن القرآن الكريم قديم حيث أن الله يعلم منذ القدم ماهية وشكل ومحتويات النص القرآني فيكون النص القرآني معلوماً لله تعالى منذ القدم فيكون القرآن موجوداً منذ القدم لأنه محض العلم والوجود الذهني أّما اللفظ والصوت فهو مجرد خلق لإدراكٍ لهذا الوجود الذهني، فما قولكم؟
الرد
السيّد جعفر علم الهدى٦yr ago
٠٠
من الخطأ جدّاً ان نفرض انّ هناك شيء يسمّى بالوجود الذهني في ذات الله تعالى.والمشكلة انّما هي في قياس علم الله تعالى بعلم سائر البشر ، وهذا قد أوقع السائل في الخطأ والإشتباه ؛ فان علم الانسان بالأشياء حصولي ، لأن علمه عبارة عن حصول صورة الشيء في ذهن الانسان ، وتكون تلك الصورة كاشفة عن الوجود الخارجي ، ويصحّ ان يقال انّ للشيء الخارجي وجود ذهني ، أيّ بصورة الحاصلة منه في ذهن الانسان ، وهذا الأمر يمتنع في حقّ الله تعالى ؛ فانّه ليس له ذهن حتّى تقع صورة الأشياء في ذهنه.اذ يستحيل ان يكون الله تعالى ـ الواجب الوجود ـ معرضاً لعروض الأشياء ، بل حتّى صفاته عين ذاته ؛ فعلم الله تعالى حضوري ، بمعنى انّ الأشياء بنفسها حاضرة عند الله تعالى ، لأجل إحاطته الكاملة التامّة بكلّ المخلوقات ، ثمّ انّ القرآن ليس صوت الله أو لفظه أو حرفه ، بل هو ما يلهمه الله إلى الملائكة ـ جبرئيل مثلاً ـ ، ثمّ يوصله إلى النبي صلّى الله عليه وآله ؛ فإن كان هناك صوت أو لفظ ، فهو صادر من الملك لا من الله تعالى ، أو فقل ان الله تعالى يخلق الصوت واللفظ في الملك كما خلق الصوت في الشجرة ، فقال : ( وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ) [ النساء : ١٦٤ ] ؛ فالقرآن خلق من مخلوقات الله تعالى بصوته ولفظه وحرفه ، بل ومعناه.
التعلیقات
١