Logo
لإجراء العمليات قم أولاً بتسجيل الدخوللإجراء العمليات قم أولاً بتسجيل الدخول
٢٣.١K
لإجراء العمليات قم أولاً بتسجيل الدخول

من حكم الإمام السجاد عليه السلام

من حكم الإمام السجاد عليه السلام

« وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلّا رفق الله عزّ وجلّ به يوم القيامة ، ورأس الحكمة مخافة الله » (1).

ما أروع معاني هذه الحكمة !! وما أسمى مقاصدها ، فقد أوصت بكلّ ما يسعد به الإنسان ويشرفه على كل كائن حيّ.

من وحي الله لموسى :

وحكى الإمام عليه السلام لأصحابه إحدى مناجاة الله تعالى مع نبيّه موسى عليه السلام قال : « أوحى الله إلى موسى : حبّبني إلى خلقي ، وحبّب خلقي إليّ ، فقال موسى : يا ربّ كيف أفعل ؟ قال : ذكرهم آلائي ، ونعمائي ليحبّوني ، فلا ترد آبقاً عن بابي ، أو ضالاً عن فنائي. إن ذلك أفضل لك من عبادة مائة سنة ، يصام نهارها ، ويقام ليلها ، قال موسى : من هذا العبد الآبق منك ؟ قال الله : المتمرّد ، قال : فمن الضال عن فنائك ؟ قال : الجاهل بإمام زمانه ، والغائب عنه بعدما عرفه ، الجاهل بشريعة دينه ، تعرفه شريعته ، وما يعبد به ربّه تعالى ، ويتوصل به إلى مرضاته (2) ».

لقد حث الإمام عليه السلام بهذا الحديث الدعاة إلى الله تعالى على بذل المزيد من الجهود لإنقاذ الناس من معاصي الله ، وترغيبهم في طاعته ، وأن لا ينفروهم من ذلك ، وإن عملهم في هذا السبيل من أفضل الطاعات ، وأحبّها إلى الله.

حكمة في الإنجيل :

ونقل الإمام لأصحابه حكمة مشرقة من حكم الإنجيل ، قال : « مكتوب في الإنجيل ، لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ، ولما تعملوا بما علمتم ، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزد صاحبه إلّا كفراً ، ولم يزدد من الله إلّا بُعداً (3) ».

لقد دعا الإمام عليه السلام إلى العمل بالعلم ، وأنّه ليس من الحقّ في شيء أن يعلم الإنسان شيئاً ولا يعمل به ، فإن ذلك لا يزيده إلّا بُعداً من الله.

موسى مع عابد :

وحكى الإمام عليه السلام لأصحابه قصّة موسى مع عابد ، قال : « مرّ موسى برجل رافع يده إلى السماء يدعو الله فغاب سبعة أيّام ، ثمّ رجع إليه فرآه رافعاً يده إلى السماء ، فقال موسى : يا ربّ هذا عبدك رافع يده إليك يسألك المغفرة منذ سبعة أيّام لا تستجيب له ؟ فأوحى الله إليه : يا موسى لو دعاني حتّى تسقط يداه ، وينقطع لسانه ما استجبت له ، حتى يأتيني من الباب الذي أمرته به (4) ».

أمّا هذا الحديث فيدعو كلّ إنسان يتوجّه بعبادته إلى الله أن يسلك في طاعته من الأبواب التي عيّنها ، ولا يتعثّر في سلوكه وطريقه.

موسى مع الله :

قال الإمام عليه السلام : « سأل موسى بن عمران ربّه تعالى : من أهلك الذين تظلهم بظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلّا ظلك ؟ فأوحى إليه سبحانه وتعالى : الطاهرة قلوبهم ، والتربة أيديهم ، الذين يذكرون جلالي ، والذين يكتفون بطاعتي ، كما يكتفي الصغير باللبن ، والذين يأوون إلى مساجدي ، كما تأوي النسور إلى أوكارها ، والذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت مثل النمر إذا حرد .. (5) ».

إن هذه الجماعة المؤمنة بربّها من خيرة البشر في طهارة قلوبها ، وفي سلامة ضمائرها ونيّاتها ، فقد اتّجهت بقلوبها وعواطفها نحو الله لا ترى غيره ، ولا تؤمن إلّا به ، والله يجازيهم على ذلك فيظلّهم بظلّه ويشملهم بلطفه ، ويخصّهم بفضله.

وفاة النبي صلّى الله عليه وآله :

وروى الإمام عليه السلام وفاة جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وما رافقها من الأحداث ، ونسوق نصّ روايته. روى الإمام جعفر الصادق عليه السلام عن أبيه أبي جعفر ، قال : « دخل على أبي علي بن الحسين عليه السلام رجلان من قريش ، فقال : ألا أخبركما عن رسول الله ؟ فقالا : بلى ، فقال سمعت أبي يقول : كان قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وآله بثلاثة ، هبط عليه جبرئيل ، فقال : يا أحمد أن الله تبارك وتعالى أرسلني إليك تفضيلاً لك ، وخاصّة لك ، يسألك عمّا هو أعلم به منك يقول : كيف تجدك ؟ فقال رسول الله : أدني يا جبريل مغموماً ، وأجدني يا جبريل مكروباً ، فلما كان اليوم الثالث هبط جبريل وملك الموت ، وهبط معهما ملك من الهواء ، يقال له إسماعيل ، على سبعين ألف ملك. فسبقهم جبريل ، فقال : يا محمّد إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليك إكراماً لك وتفضيلاً وخاصّة لك ، يسألك عمّا هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك ؟ فقال : يا جبريل أجدني مغموماً ، وأجدني مكروباً.

واستأذن ملك الموت على الباب ، فقال جبريل : يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ، فقال : إئذن له ، فأذن له جبريل ، فأقبل بين يديه ، فقال : يا أحمد إنّ الله تبارك وتعالى أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني ، إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها ، وإن كرهت ، تركتها ، فقال النبي : يا ملك الموت أتفعل ذلك ؟ فقال : نعم ، أمرت أن أطيعك في ما أمرتني به ، فقال جبريل : يا أحمد إن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك ، فقال النبي : يا ملك الموت إمضِ لما أمرت به ، فقال جبريل : يا أحمد هذا آخر وطأتي الأرض إنّما كنت أنت حاجتي من الدنيا.

فلمّا توفي النبي صلّى الله عليه وآله جاءتهم التعزية ، جاءهم آت يسمعون حسّه ، ولا يرون شخصه ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (6) إنّ في الله تبارك وتعالى عزاءً من كلّ مصيبة ، وخلفاً من كلّ هالك ، ودركاً من كلّ فائت ، فبالله ثقوا ، وإيّاه فارجوا ، فإنّ المصاب من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : قال أبي عن أبيه علي ابن الحسين عليهم السلام : أتدرون من هذا ؟ هذا هو الخضر (7) ».

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض البوادر من سنن الأنبياء وحكمه التي نقلها الإمام عليه السلام إلى أصحابه وتلاميذه.

الهوامش

1. الخصال ص 106 الغايات ص 19 مخطوط.

2. البحار ج 1 ص 71 الطبعة الأولى.

3. أصول الكافي.

4. الإمام زين العابدين ص 202.

5. الإمام زين العابدين ص 202.

6. سورة آل عمران : آية 185.

7. التشوف إلى رجال التصوف ليوسف التالي ص 31 ـ 32.

التعلیقات

اکتب التعلیق...

المضافة أخيراً

من حكم الإمام السجاد عليه السلام - شبكة رافـد للتنمية الثقافية