انقلاب الاُمّة ومنع حقوق الزهراء عليها السلام
علي موسى الكعبي
منذ شهرأول بوادر الانقلاب :
لقد سجّل بعض الصحابة أول بادرة للانقلاب في حياة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان يوم الخميس ، والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجّىً قد اشتدّ به الوجع ، فكانت الرزية ، قال ابن عباس رضي الله عنه : لمّا اشتد بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مرضه الذي مات فيه قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « ائتوني بدواةٍ وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي ». فقال عمر : إنّ رسول الله قد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ـ وفي لفظ آخر : ما شأنه أهجر ، استفهموه ! ـ فاختلف القوم واختصموا ، فمنهم من يقول : القول ما قال رسول الله ، ومنهم من يقول : القول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف عنده صلّى الله عليه وآله وسلّم غضب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال لهم : « قوموا عني ، لا ينبغي عندي التنازع ».
قال ابن عباس : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب ، من اختلافهم ولغطهم (1).
فقدموا بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) (2) وأكثروا اللغط في حضرته وقد قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ) (3).
وعصوا الله تعالىٰ ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم جهرة ، والله تعالىٰ يقول : ( وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) (4).
وهكذا انشغلت الاُمّة عن نبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم بمجرد إحساسها بفقده ، لتدخل في صراعات كان بامكانهم تجنبها لو استمعوا لما يكتب لهم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو في المحتضر ، وكان ذلك الانقلاب يمثل حجر الزاوية لكلِّ مظلمة حدثت علىٰ طول التاريخ.
الابتسامة الأخيرة :
في محتضر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث أحنت الزهراء عليها السلام علىٰ أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ارتسمت علىٰ شفتيها ابتسامة عقيب بكاءٍ هزّ كيانها ، ممّا أثار الدهشة والتساؤل عند البعض حتىٰ فسّرت لهم سرّ ذلك بعد وفاة أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم.
روي عن ابن عباس وعائشة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا فاطمة عليها السلام في شكواه التي قُبض فيها ، فسارّها بشيءٍ فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت ، فسئلت عن ذلك ، فقالت بعد وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم : « سارّني النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبرني أنّه يُقبض في وجعه الذي تُوفّي فيه فبكيت ، ثم سارّني فأخبرني أنّي أول من يتبعه من أهل بيته فضحكت » (5).
إذن كانت تلك الابتسامة تعبّر عن فرحة سرعة اللحاق بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدار الآخرة ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) (6) وكانت الأخيرة في حياة سيدة النساء عليها السلام إذ أعقبها الألم والحزن والبكاء ، فهي عليها السلام بعد فقد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تهدأ لها حسرة ولم ترقأ لها عبرة.
قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام : « مكثت فاطمة عليها السلام بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثة أشهر ، وما رؤيت ضاحكة بعده » (7).
وكانت عليها السلام تعبّر بتلك الدموع عن مرارة الألم لفراق أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم وشدة الحزن لفقده ، وتحكي مظلوميتها واغتصاب حقّ الوصيّ وحقّها ، وما يعتلج بصدرها من معاناة لم تجد إلىٰ بثّها سبيلاً إلّا بالدموع.
قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن نفض يديه من تراب قبرها عليها السلام وهو يناجي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « وستنبئك ابنتك بتضافر أُمّتك علىٰ هضمها ، فأحِفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليلٍ معتلج بصدرها لم تجد إلىٰ بثّه سبيلاً » (8).
الهجوم علىٰ دار الزهراء عليها السلام وما ترتب عليه :
مضىٰ أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلىٰ سقيفة بني ساعدة ، ولم يبق حول جثمان الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا أقاربه ومواليه ، وهم الذين تولوا غسله وتكفينه وإدخاله قبره ومواراته ، وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعمه العباس رضي الله عنه وابناه الفضل وقثم ، واُسامة بن زيد مولاه ، وقيل : شقران ، أو صالح مولاه صلّى الله عليه وآله وسلّم (9).
فارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط بين المهاجرين والأنصار ، ثم إن عمر بن الخطاب ضرب علىٰ يد أبي بكر فبايعه الناس ، ثم أتوا به المسجد يبايعونه ، فسمع العباس وعلي عليهما السلام التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (10).
وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أن عليّاً عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (11) ، فتخلّف قوم من المهاجرين والأنصار وجمهور الهاشميين عن بيعة أبي بكر ، وكان منهم : العباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبرّاء بن عازب ، وأُبي بن كعب ، وعتبة بن أبي لهب ، وغيرهم (12) ، وروي أنّهم اجتمعوا علىٰ أن يبايعوا عليّاً عليه السلام (13).
وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اعتزل الناس بعد أن فرغ من جهاز رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعكف علىٰ جمع القرآن الكريم بعهدٍ من الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وروي أنّه عليه السلام قال : « لا أرتدي حتىٰ أجمعه » ، وقالوا : إنّه لم يرتدِ إلّا للصلاة حتىٰ جمعه (14).
وفي تلك الاثناء بلغ أبو بكر أن جماعة منهم العباس قد اجتمعوا مع علي ابن أبي طالب عليه السلام في منزل فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، وخالد بن الوليد في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين أرسلهم أبو بكر رِدءاً لهما ، كزياد بن لبيد الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأُسيد بن حُضير ، ومسلمة بن سلامة بن وقش ، ومحمد بن مسلمة ، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي ، وسلمة بن أسلم (15) ، والمغيرة بن شعبة ، وسالم مولىٰ أبي حذيفة (16).
فجاء عمر بن الخطاب فناداهم وهم في دار علي عليه السلام : لتخرجنّ إلىٰ البيعة أو لاُحرقنّها علىٰ من فيها ! فقيل له : يا أبا حفص ؟ إنّ فيها فاطمة ! فقال : وإن (17) !!.
فلمّا سمعت فاطمة عليها السلام أصواتهم نادت بأعلىٰ صوتها : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟! » فلمّا سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم (18) ، فاقتحموا الدار ، فصاحت فاطمة عليها السلام وناشدتهم الله (19) ، وجعلت تبكي وتصيح (20).
وخرج إليهم الزبير مصلتاً سيفه ، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر ، فندر السيف من يده ، فضرب به عمر الحجر فكسره (21) ، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً (22).
وروي أنّهم قالوا : ليس عندنا معصية ولا خلاف .. وإنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ، ثم بايعوا أبا بكر (23).
واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة عليها السلام ما صنع عمر ، فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثيرة من الهاشميات وغيرهنّ ، فخرجت إلىٰ بابها ، وقالت : « يا أبا بكر ، ما أسرع ما أغرتم علىٰ أهل بيت رسول الله ! والله لا أُكلّم عمر حتىٰ ألقىٰ الله » (24).
وقالت عليها السلام : « لا عهد لي بقومٍ حضروا أسوأ محضرٍ منكم ، تركتم رسول الله جنازةً بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تروا (25) لنا حقاً (26) ، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خمّ ، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ، ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم ، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة » (27).
وأخرجوا عليّاً عليه السلام ومضوا به إلىٰ أبي بكر ، فقال له عمر : بايع. فقال عليه السلام : « إن أنا لم أفعل فمه ؟ » قال عمر : إذن والله الذي لا إله إلّا هو نضرب عنقك !
فقال : « إذن تقتلون عبد الله وأخو رسوله ». قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا (28) ، وأبو بكر ساكت. فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال : لا أُكرهه علىٰ شيءٍ ما كانت فاطمة إلىٰ جنبه (29).
ولم يبايع عليٌّ أبا بكر حتىٰ ماتت فاطمة عليها السلام بعد ستة أشهر ، فلمّا ماتت عليها السلام ضرع إلىٰ صلح أبي بكر (30).
آثار الهجوم وما ترتب عليه :
اندفع القوم إلىٰ بيت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يرعوا لها حرمة ، ولا لأبيها المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم ذمّة ، وقد رافق الهجوم علىٰ الدار بعض الأحداث المخالفة للشرع والدين والضمير والوجدان والأعراف والسجايا الانسانية ، وكلّها مصاديق تحكي قصة الانقلاب علىٰ الأعقاب والإحداث بعد غياب الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ومن تلك الأحداث :
1 ـ إحراق البيت :
ثبت إحراق البيت المقدس من طريق الفريقين ، فقد روي أنّهم جمعوا الحطب الجزل حول بيت الزهراء عليها السلام ، وأضرموا النار في بابه ، حتىٰ أخذت النار في خشب الباب (31).
وروىٰ الثقفي بالاسناد عن حمران بن أعين ، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « والله ما بايع علي حتىٰ رأىٰ الدخان قد دخل بيته » (32).
وقال المسعودي : فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فوجّهوا إلىٰ منزله ، فهجموا عليه وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كُرهاً (33).
وقد بلغ من اشتهار هذا الأمر أن سجّله كثير من الشعراء منذ القرون الأولىٰ وإلىٰ اليوم ، ومنهم عبد الله بن عمار البرقي ت 245 هـ حيث قال :
وكلّلا النار من نبتٍ ومن حطبٍ |
والمضرمان لمن فيه يسبّانِ |
|
وليس في البيت إلّا كلّ طاهرةٍ |
من النساء وصدّيق وسبطانِ (34) |
وقال علاء الدين الحلي المقتول سنة 786 هـ :
وأجمعوا الأمر فيما بينهم غوت |
لهم أمانيهم والجهل والأملُ |
|
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة |
فياله حادث مستصعب جَلَلُ |
|
بيت به خمسة جبريل سادسهم |
من غير ما سبب بالنار يشتعلُ (35) |
ووردت الأخبار بهذا المضمون من طرق العامة أيضاً ، فقد ذكر السيد المرتضىٰ رضي الله عنه أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم علىٰ القوم (36) ، وفي ما يلي بعض رواياتهم :
روى البلاذري عن سليمان التيمي وعبد الله بن عون أنهما قالا : إنّ أبا بكر أرسل إلىٰ علي عليه السلام يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة عليها السلام علىٰ الباب. فقالت فاطمة عليها السلام : يا بن الخطاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي ؟ قال : نعم ، وذلك أقوىٰ فيما جاء به أبوك (37).
وذكر ابن عبد ربه الذين تخلفوا عن البيعة لأبي بكر : علي عليه السلام والعباس ، والزبير ، وسعد بن عبادة ، قال : فأمّا علي عليه السلام والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتىٰ بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة عليها السلام ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبسٍ من نار علىٰ أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة عليها السلام فقالت : يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة (38).
وقد سجّل شاعر النيل حافظ إبراهيم هذه المكرمة لعمر بن الخطاب حيث قال :
وقولةٍ لعلي قالها عمرُ |
أكرم بسامعها أعظم بملقيها |
|
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها |
إن لم تبايع وبنت المصطفىٰ فيها |
|
ما كان غير أبي حفص يفوه بها |
أمام فارس عدنان وحاميها (39) |
وليته لم يَفُه بها ، فإنّها كانت سُبّة له وموبقة عظيمة لا تفارقه أبداً ، حتّىٰ يلقىٰ الله تعالىٰ وبنت المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم غضبىٰ عليه ، والرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم حرب عليه ، لأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم حربٌ لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم (40).
وظنّ شاعر النيل أنّ ذلك كان من شجاعة عمر ، وفات عنه أنّه لم تثبت لعمر قدم في المقامات المشهورة كما لم تروَ له صولة ولم تعرف عنه جولة ، فهو الذي عاد في خيبر يُجبّن أصحابه ويجبّنونه (41) ، فما كانت الراية والفتح وقتل صناديد الكفر لتليق إلّا بمن يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، الكرار غير الفرار ، علي أمير المؤمنين عليه السلام (42).
كما فات عنه أنّ صبر أمير المؤمنين عليه السلام علىٰ القوم ما كان إلّا بعهدٍ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم له بالصبر عند خذلان الاُمّة (43) ، وأنّه عليه السلام كان يقول واصفاً حاله بعد البيعة : « فنظرتُ فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي ، فضننتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ علىٰ القذىٰ ، وشربت علىٰ الشجا ، وصبرت علىٰ أخذ الكظم وعلى أمرّ من طعم العلقم » (44).
وقال عليه السلام : « وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر علىٰ طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتىٰ يلقىٰ ربه ، فرأيت أنّ الصبر علىٰ هاتا أحجىٰ ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجىً ، أرىٰ تراثي نهباً ... » (45).
وخلاصة القول إنّه عليه السلام آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته وخاض الغمرات لأجله ، فنراه في أحرج المواقف التي واجهته بعد البيعة كان يقول : « سلامة الدين أحبُّ إلينا من غيره » (46).
الاحراق ذريعة للظلم :
إنّ إحضار الحطب حول بيت القدس والطهارة من قبل رجال الخلافة وإذكاء النار في بابه لانتزاع البيعة من أمير المؤمنين عليه السلام قد صار ذريعة للظالمين وسُنّة لطواغيت الاُمّة علىٰ طول التاريخ ، فقد روىٰ المؤرخون أنّ عروة بن الزبير كان يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرقهم ، وكان يقول : إنّما أراد بذلك إلّا تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة ، فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لمّا تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فانّه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار (47).
2 ـ إيذاء الزهراء عليها السلام بالضرب والاسقاط :
وكان من امتدادات ذلك الهجوم أن تعرّض القوم لفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالضرب ممّا أدىٰ إلىٰ إسقاط جنينها ، فشكت من أثر ذلك الضرب حتىٰ التحقت بربها شهيدة مظلومة ، وقد استفاضت الروايات بذلك وثبت عند أعلام الطائفة.
قال الشيخ الطوسي رضي الله عنه : وقد روي أنّهم ضربوها بالسياط ، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أن عمر ضرب علىٰ بطنها حتىٰ أسقطت ، فسمّي السقط محسناً (48) ، والرواية بذلك مشهورة عندهم (49) ، وقد نقلها عنهم المخالفون أيضاً (50).
ونقل الشيخ ابن شهرآشوب عن ( المعارف ) لابن قتيبة أنّ المحسن سقط من زخم (51) قنفذ العدوي (52) الذي أمره عمر بضرب الزهراء عليها السلام.
وكان من آثار ذلك الضرب أن مرضت الزهراء عليها السلام ولازمت فراشها حتىٰ التحقت بربها ، كما أخبر بذلك أولاد الزهراء عليهم السلام (53) ، وقد أطبقت كلمتهم علىٰ أنّها ماتت شهيدةً مظلومة ، فعن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال : « إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة » (54) ، وجاء في زيارتها عليها السلام : السلام عليكِ أيتها البتول الشهيدة الطاهرة (55). والسلام عليكِ أيتها الصديقة الشهيدة (56).
ومما يدلّ علىٰ شيوع هذا الأمر وشهرته هو أن تناوله الشعراء مندّدين به مزرين علىٰ فاعله ، وذلك منذ القرون الاُولىٰ وإلىٰ اليوم ، قال السيد الحميري المتوفى 173 هـ :
ضربت واهتضمت من حقّها |
واُذيقت بعده طعم السَّلع (57) |
|
قطع الله يدي ضاربها |
ويد الراضي بذاك المتّبع (58) |
وقال القاضي النعمان المتوفىٰ سنة 363 هـ في أرجوزته المختارة :
حتىٰ أتوا باب البتول فاطمهْ |
وهي لهم قالية مصارمهْ |
|
فوقفت من دونه تعذلهم |
فكسر الباب لهم أوّلهم |
|
فاقتحموا حجابها فأعولتْ |
فضربوها بينهم فأسقطتْ |
إلىٰ أن قال :
وقتلهم فاطمة الزهراءِ |
أضرم حرّ النار في أحشائي |
|
لأنّ في المشهور عند الناسِ |
بأنَّها ماتت من النفاسِ (59) |
وقال الأمير علي بن مقرب الاحسائي المتوفّىٰ سنة 629 هـ :
يا ليت شعري فمن أنوح منهم |
ومن له ينهلّ فيض أدمعي |
|
أللوصي حين في محرابه |
عمّم بالسيف ولمّا يركعِ |
|
أم للبتول فاطم إذ منعت |
عن إرثها الحق بأمر مجمعِ |
إلىٰ أن قال :
ولم تزل مهضومة مظلومة |
بردّ دعواها ورضِّ الأضلعِ (60) |
ونقل ذلك من غير طرق الشيعة ، فعن محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ ، في ترجمة أحمد بن محمد السري بن يحيىٰ بن السري ابن أبي دارم ، قال : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثمّ في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة عليها السلام حتىٰ أسقطت محسناً (61).
وعن إبراهيم بن سيار النظام ، قال : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتىٰ ألقت الجنين من بطنها (62) ، وكان يصيح : احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (63).
ونقل البغدادي والمقريزي عن النظام أنه قال : إنّ عمر ضرب فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومنع ميراث العترة (64).
ولا ندري كيف يجعل مرتكب مثل هذه الاُمور الفضيعة نفسه إماماً للاُمّة ، وفي موقع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويؤتمن علىٰ الدين والإنسان والأخلاق وأموال الناس وأعراضهم ، ويوفّر لهم الكرامة والعزّة ، ويربّي الناس علىٰ الفضيلة والدين والأخلاق ؟ !
ثم إذا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يحبّ من يبغض فاطمة ، ولو بكلمة واحدة ، فلماذا يُلام محبّو فاطمة عليها السلام علىٰ بغض قاتلها ؟
اعتراف أبي بكر بالهجوم :
إنّ التجاوز علىٰ حرمة بيت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإدخال الرجال فيه ، وهتك حرمته المقدسة ، قد صرّح به أبو بكر في لحظاته الأخيرة ، وفي ذلك دلالة قاطعة علىٰ حدوث هذا الهجوم وما رافقه من أحداث أليمة ، وعلى خطأ أبي بكر في الايعاز إلىٰ جنده بقيادة ابن الخطاب للقيام بذلك العمل المنافي لأبسط حقوق الزهراء ، والمؤدي إلىٰ غضب الله تعالىٰ ورسوله الكريم وصالح المؤمنين.
عن عبد الرحمن بن عوف : أنّه سمع أبا بكر يقول في مرضه الذي توفي فيه : وددت أني لم أكن فتّشت بيت فاطمة وأدخلته الرجال ، ولو كان أُغلق علىٰ حرب. وفي رواية : ليتني لم أكن كشفت بيت فاطمة عن شيءٍ ، وتركته ولو أُغلق علىٰ حرب (65).
البيعة تأصيل للغدر وذريعة للظلم :
إنّ البيعة التي لأجلها كان الهجوم علىٰ دار الزهراء عليها السلام مغرس الإسلام ومهبط الوحي ، هي مصداق للانقلاب والإحداث في الإسلام وتجسيد لنزعة الغدر والعدوان في هذه الاُمّة ، وهذا ما أعلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وصيَّه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد روىٰ الجوهري بالاسناد عن حبيب بن ثعلبة ، قال : سمعت عليّاً عليه السلام يقول : « أما وربّ السماء والأرض ـ ثلاثاً ـ إنّه لعهد النبي الاُمي صلّى الله عليه وآله وسلّم إليّ : لتغدرنّ بك الاُمّة من بعدي » (66).
فالبيعة لا تمتلك أدنىٰ المقومات الشرعية ، ولم تتحصّن بأيّ سبب معقول أو منقول ، بل كانت كما وصفها أبو بكر (67) وعمر (68) : فلتةً وقىٰ الله شرّها ، والحقّ أنّ شرها كان مستطيراً ، فهي حجر الزاوية لكلِّ مظلمة حدثت في التاريخ ، والذريعة لكلِّ من ظلم أهل البيت عليهم السلام من طواغيت الاُمّة وجبابرتها ، ويتضح ذلك جلياً في كتاب معاوية إلىٰ محمد بن أبي بكر قبل حرب صفين حيث جاء فيه : فقد كنّا وأبوك نعرف فضل ابن أبي طالب وحقّه لازماً لنا مبروراً علينا (69) فلما اختار الله لنبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم ما عنده ، وأتمّ وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، وقبضه الله إليه ، كان أبوك والفاروق أول من ابتزّه حقّه ، وخالفه علىٰ أمره ، علىٰ ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثم إنّهما دعواه إلىٰ بيعتهما ، فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ... فان يكن ما نحن فيه صواباً ، فأبوك أوله ، وإن يكن جوراً ، فأبوك أُسّه ، ونحن شركاؤه ، فبهديه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له ، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك ، فاحتذينا بمثاله ، وأقتدينا بفعاله (70).
فالبيعة إذن كانت اتفاقاً سرياً ، فعلىٰ الرغم من أنهم كانوا يعرفون فضل أمير المؤمنين عليه السلام وحقه لازماً عليهم ، لكنهم اتفقوا واتسقوا علىٰ أن يبتزّوه حقه ويخالفوه علىٰ أمره.
روىٰ الجوهري عن ابن عباس أن عمر قال له ليلة الجابية : إنّ أول من ريّثكم عن هذا الأمر أبو بكر ، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوة. قال : قلت : لمَ ذاك يا أمير المؤمنين ؟ ألم نُنِلهُم خيراً ؟! قال : بلىٰ ، ولكنّهم لو فعلوا لكنتم عليهم جَحْفاً جَحْفاً (71).
وذلك الاتفاق يهدف إلىٰ إقصاء عترة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن أداء دورهم الرسالي ، وهضم حقوقهم ، والاستيلاء علىٰ الملك ، مهما كانت الوسائل ، وحتىٰ لو انتهت بقتل أمير المؤمنين عليهالسلام ( وأرادا به العظيم ) (72) كما قتلوا سعد ابن عبادة ، الذي ذهب إلىٰ الشام مهاجراً ومغاضباً لأصحاب السقيفة بعد أن هتف عمر أمام المهاجرين والأنصار : اقتلوه قتله الله ، فإنّه صاحب فتنة (73) ، ثم بعث رجلاً إلىٰ الشام ، فرماه بسهم فقتله (74).
وما كان اهتمام عمر بانتزاع البيعة بشتىٰ الوسائل ، وإن أدىٰ إلىٰ القتل والتحريق ، إلّا إمضاءً لذلك الاتفاق وحرصاً علىٰ تحقيق كامل أهدافه.
عن ابن عباس ، قال : بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلىٰ علي عليه السلام حين قعد في بيته ، وقال : ائتني به بأعنف العنف ، فلمّا أتاه جرىٰ بينهما كلام ، فقال علي عليه السلام : احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك علىٰ إمارته اليوم إلّا ليؤمّرك غداً (75). وفي رواية : أشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً (76).
ولهذا كشفت الزهراء عليها السلام عن موقفها من سلطة السقيفة أمام الملأ حينما توفّرت لها فرصة المطالبة بحقوقها المالية المترتبة لها من الموروث النبوي ، وسنأتي علىٰ بيانه في المبحث الثاني.
منع الحقوق المالية للزهراء عليها السلام
أولاً : اغتصاب نحلة الزهراء عليها السلام :
ثم كان بعد انتهاك حرمة بيت الزهراء عليها السلام وإيذائها ، والاعتداء علىٰ وصيّ المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم أمير المؤمنين عليه السلام ، أن وضعت السلطة يدها علىٰ نحلة الزهراء في فدك ، لتصبح من مصادر بيت المال وموارد ثروة الدولة ، أو طعمةً لمن ولي الأمر بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وفدك قرية بناحية الحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، فيها عين فوّارة ونخل كثير ، قد غرس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعضه بيده ، وهي أرض كانت لليهود ، فأفاءها الله علىٰ رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلحاً سنة 7 هـ ، وذلك لمّا فرغ صلّى الله عليه وآله وسلّم من فتح خيبر ، قذف الله تعالىٰ الرعب في قلوب أهل فدك ، فبعثوا إلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فصالحوه علىٰ النصف ، وروي أنّهم صالحوه عليها كلها ، فكانت خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ لأنّه لم يوجف عليها المسلمون بخيلٍ ولا ركاب (77).
أدلّة النحلة :
1 ـ ثبت من طرق الشيعة والعامّة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد منح فدك إلىٰ ابنته الزهراء عليها السلام في حياته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقد روي عن علي أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس وأبي سعيد الخدري في تفسير قوله تعالىٰ : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) (78) أنهم قالوا : لمّا نزلت هذه الآية ، دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة عليها السلام فأعطاها فدك (79).
وروي ذلك عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام (80).
2 ـ وممّا يدلُّ علىٰ أنّ فدك كانت بأيدي أهل البيت عليهم السلام ما جاء في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلىٰ عثمان بن حنيف ، وكان عامله علىٰ البصرة ، قال عليه السلام : « بلىٰ كانت في أيدينا فدك ، من كلّ ما أظلّته السماء ، فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، ونعم الحكم الله ، وما أصنع بفدك وغير فدك ، والنفس مظانّها في غدٍ جدث ، تنقطع في ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها ... » (81).
3 ـ وممّا يدلّ علىٰ ذلك قول الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أعطاها فدك مع شهادة أمير المؤمنين عليه السلام وأُمّ أيمن لها عليها السلام ، وذلك بعد أن وضعت السلطة يدها علىٰ الأرض ، وأخرجت وكيلها منها ، ومطالبة الزهراء عليها السلام بالنحلة وشهادة أمير المؤمنين عليه السلام لها ، أمرٌ متواتر يعرفه الخاص والعام ، سنأتي علىٰ بيانه لاحقاً.
4 ـ ومما يدلّ علىٰ أنّ ذلك كان أمراً معروفاً شائعاً ، هو موقف عمر بن عبد العزيز والمأمون في ردّهما فدك علىٰ ولد الزهراء عليها السلام لمّا تبيّن لهما أنّ الحقّ كان معها عليها السلام وأنّها عليها السلام كانت صادقة في دعواها.
أمّا عمر بن عبد العزيز ، فقد كتب إلىٰ عامله علىٰ المدينة أبي بكر بن عمرو بن حزم : إذا ورد عليك كتابي هذا ، فاقسمها في ولد علي من فاطمة عليهما السلام والسلام. فنقمت بنو أُمية علىٰ عمر بن عبد العزيز عمله هذا وعاتبوه فيه ، فقال لهم : انكم جهلتم وعلمتُ ، ونسيتم وذكرتُ ، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « فاطمة بضعة مني ، يسخطني ما أسخطها ، ويرضيني ما أرضاها » قالوا : فأن أبيت إلّا هذا فأمسك الأصل ، وأقسم الغلّة ، ففعل (82).
وفي رواية الجوهري أنّه قال لهم : قد صحّ عندي وعندكم أنّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أدعت فدك ، وكانت في يدها ، وما كانت لتكذب علىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مع شهادة علي عليه السلام وأُمّ أيمن وأُمّ سلمة ، وفاطمة عندي صادقة فيما تدّعي وإن لم تقم البيّنة ، وهي سيدة نساء أهل الجنة ، فأنا اليوم أردّها علىٰ ورثتها ... ولو كنت بدل أبي بكر وادّعت فاطمة كنت أصدّقها علىٰ دعواتها. فسلّمها إلىٰ محمد بن علي الباقر عليه السلام وعبد الله بن الحسن (83).
أما المأمون فقد جلس مجلساً مشهوراً ونصب فيه وكيلاً لفاطمة عليها السلام وآخر لأبي بكر ، وجلس هو لسماع المناظرة والقضاء ، وحكم بردّ فدك إلىٰ أولاد فاطمة عليها السلام بعد قيام الحجة ووضوح الأمر (84).
وكتب كتاباً في الثاني من ذي القعدة سنة 210 هـ إلىٰ عامله علىٰ المدينة قثم بن جعفر أمره فيه بتسليمها إلىٰ محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين عليه السلام ، ومما جاء في الكتاب : قد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطىٰ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدك وتصدّق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ... فرأىٰ أمير المؤمنين أن يردّها إلىٰ ورثتها ويسلّمها إليهم ، تقرباً إلىٰ الله تعالىٰ بإقامة حقّه ، وإلىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتنفيذ أمره وصدقته (85).
مطالبة الزهراء عليها السلام بالنحلة وموقف السلطة :
لما انتزعت السلطة حقّ الزهراء عليها السلام في فدك ظلماً وأخرجت وكيلها منها قهراً (86) ، اندفعت مَن يغضب الله لغضبها ويرضىٰ لرضاها ، للمطالبة بحقها ، وقد ذكر كثير من المؤرخين أنّ فاطمة عليها السلام صرّحت بوجه أبي بكر بأنّ فدكَ ملك لها ، فردّ أبو بكر قولها ، وطلب منها البينة !! ، فأتت بأمير المؤمنين علي عليهالسلام وأُمّ أيمن فشهدا لها ، واعتبر شهادتهما غير كافية فقال : قد علمت أنّه لا يجوز إلّا شهادة رجلين أو رجل وأمرأتين (87).
وعن هشام بن محمد الكلبي ، عن أبيه ، أنّ أبا بكر قال لفاطمة عليها السلام : إنّ هذا المال لم يكن لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإنّما كان مالاً من أموال المسلمين ، يحمل به الرجال ، وينفقه في سبيل الله (88) ، فأنكر كون فدك خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما قدمناه.
وروي من عدّة طرق أنّ أبا بكر أذعن أولاً لحقّ الزهراء عليها السلام في فدك بعد سماعه الشهود ، وقال لفاطمة عليها السلام : ما كنت لتقولين علىٰ أبيك إلّا الحقّ ، فكتب لها فيها ، فخرجت فلقيت عمر ، فأخذ الكتاب وجاء إلىٰ أبي بكر فقال : أعطيت فاطمة فدك وكتبت لها ؟! قال : نعم. قال عمر : علي يجرُّ إلىٰ نفسه ، وأُمّ أيمن امرأة ، فمزّق عمر الكتاب بعد أن بصق فيه ومحاه. فدعت فاطمة عليها السلام وقالت : « بقر الله بطنك كما بقرت صحيفتي » (89).
وفي رواية سبط ابن الجوزي : أن عمر قال لأبي بكر : ممّاذا تنفق علىٰ المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترىٰ (90) ؟
ولا تعارض بين هذه الرواية وبين ما تقدم من أنّ أبا بكر منع الزهراء عليها السلام وطلب منها إكمال البيّنة ، ذلك لأنّه كتب لفاطمة عليها السلام بفدك وعمر غير حاضر ، فلمّا حضر عمر وطعن بالشهود ، طالبها أبو بكر بالشاهد الآخر.
كما أنّ هذه الرواية لا تعارض خبر أبي بكر في أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، لأنّه كتب لفاطمة عليها السلام بفدك عندما طالبت بالنحلة لا بالميراث ، فلمّا طالبت بالميراث روىٰ الخبر القاضي بمنع الميراث علىٰ ما سيأتي بيانه.
ولم يكتفِ عمر بالطعن في شهادة أمير المؤمنين عليه السلام وأُمّ أيمن في ردّه لدعوىٰ الزهراء عليها السلام ، بل إنّه زعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقسمها ، فقد روىٰ الثقفي باسناده عن ابن عائشة ، قال : حدثني أبي ، عن عمّه ، قال : قالت فاطمة عليها السلام لأبي بكر : إنّ فدك وهبها لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : فمن يشهد بذلك ؟ فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فشهد ، وجاءت أُمّ أيمن فشهدت أيضاً ، فجاء عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف ، فشهدا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقسمها.
فقال أبو بكر : صدقت يابنة رسول الله ، وصدق علي ، وصدقت أُمّ أيمن ، وصدق عمر ، وصدق عبد الرحمن بن عوف ! وذلك أنّ مالك لأبيك ، كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يأخذ من فدك قوتكم ، ويقسم الباقي ، ويحمل منه في سبيل الله ، فما تصنعين بها ؟ قالت : « أصنع بها كما يصنع بها أبي ». قال : فلك عليَّ أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك. قالت : « الله لتفعلنّ ؟ » . قال : الله لأفعلنّ. قالت : « اللهمَّ اشهد » (91).
وهكذا صدّق جميع الشهود مع تباين الشهادتين ، وهو شيء عجيب !! ، في محاولة لا تخلو من المناورة السياسية ، ورجّح جانب عمر بن الخطاب ، ذلك لأنّه لم يفِ للزهراء عليها السلام بشيءٍ ممّا قاله ، ولو كان فعل لما سخطت عليه حتىٰ أنّها أوصت أن لا يحضر جنازتها ولا يصلي عليها ، وقد ارتحلت عليها السلام إلىٰ جوار ربّها العزيز وهي غاضبة عليه وعلى صاحبه.
نحلة الزهراء عليها السلام في الميزان :
هناك عدة شواهد تدلُّ علىٰ مظلومية الزهراء عليها السلام في هذه المسألة وجور الحاكم وتماديه في ظلمها واغتصاب حقها ، وقد كان اللازم علىٰ سائر المسلمين أن يقفوا بوجه الظلم ، ولا يدعو ابنة نبيّهم تضطر للخروج أمام الصحابة للمطالبة بحقّها ، مما جرّ هذا الاغتصاب وظلم آل محمد صلّى الله عليه آله وسلّم إلىٰ متابعة هضم حقوقهم من لدن السياسات المتعاقبة في الإسلام.
وسوف نقتصر علىٰ جملة من الشواهد الدالة علىٰ مظلومية الزهراء عليها السلام في شأن فدك :
1 ـ بالرغم من أن فَدَكَ كانت في حيازة الزهراء عليها السلام وهي صاحبة اليد عليها ، فقد استولت السلطة عليها وأخرجت وكيلها وعمّالها منها ظلماً (92).
2 ـ لقد شهد الله تعالىٰ للزهراء عليها السلام بإذهاب الرجس عنها ، والطهارة من الدنس ، وقامت الدلالة علىٰ أنّها كانت صدّيقة ومعصومة من الغلط ، ومأموناً منها فعل القبيح ، ومن كانت هذه صفته لا يحتاج إلىٰ بيّنة فيما يدعيه.
هذا مع أنّ أبا بكر كان يعلم أنّ لسانها يتجافىٰ عن قول الباطل ، فقد شهد لها بالصدق (93) ، وأنّها لا تقول علىٰ أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا الحقّ (94) والمسلمون جميعاً يشهدون بذلك ، لكن أبا بكر بقي مصرّاً علىٰ مطالبة الزهراء عليها السلام بالشهود حتىٰ بعد أن احتجّ عليه أمير المؤمنين عليه السلام بمحضر المهاجرين والأنصار وأكّد له أنّ الله تعالىٰ شهد لفاطمة عليها السلام بالطهارة ، وأن ردّ شهادتها ردّ علىٰ الله (95) ، ولا يخلو ذلك من العنت والعدول عن جادة الصواب.
3 ـ لقد ثبت أنّ أبا بكر كان قد أعطىٰ بعض الصحابة بمجرد الدعوىٰ بالدَّين أو العِدَة ، دون أن يطلب منهم البيّنة ، ومن ذلك ما رواه البخاري في كتاب الشهادات ، بالإسناد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : لمّا مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرمي ، فقال أبو بكر : من كان له علىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دَين ، أو كانت له قبله عِدَةٌ فليأتنا.
قال جابر : فقلت : وعدني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا ، فبسط يديه ثلاث مرات. قال جابر : فعدّ في يدي خمسمائة ، ثمّ خمسمائة ، ثمّ خمسمائة (96).
وروىٰ ابن سعد في ( الطبقات ) عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت منادي أبي بكر ينادي بالمدينة حين قدم عليه مال البحرين : من كانت له عِدة عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فليأتِ ، فيأتيه رجال فيعطيهم ، فجاء أبو بشير المازني ، فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : يا أبا بشير ، إذا جاءنا شيءٌ فأتنا ، فأعطاه أبو بكر حفنتين أو ثلاثاً ، فوجدها ألفاً وأربعمائة درهم (97).
فلماذا إذن يطلب البينة من ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيدة نساء أهل الجنة ، بل ويردّ دعواها مع قيام البيّنة علىٰ أنّ أباها صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أعطاها فدك خلال حياته ، وليس هي من قبيل العِدَة التي لا يلزم أداؤها ؟ ولماذا يصدّق جابر بن عبد الله وأبا بشير المازني في دعواهما دون أن يقدّما شاهداً واحداً يثبت صحة مدّعاهما ؟ وهل إنّ جابراً وأبا بشير أتقىٰ وأبرّ وأصدق في دعواهما من الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام أم هي السياسة التي تجعل الحقّ باطلاً والباطل حقاً.
4 ـ لو سلّمنا أنّ الزهراء عليها السلام تحتاج كسائر المؤمنات الصالحات إلىٰ بينة في إثبات دعواها ، فقد شهد لها أمير المؤمنين عليه السلام وحسبها أخو النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّه وصدّيق الاُمّة الأكبر (98) وصالح المؤمنين (99) ومن قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « عليٌ مع الحقّ والحقُّ مع علي ، يدور معه حيثما دار » (100).
فكيف تردّ شهادته مع قيام البينة علىٰ عصمته عن الذنب وطهارته من الرجس ؟
وشهدت لها مع أمير المؤمنين عليه السلام أُمّ أيمن ، وهي حاضنة رسول الله ومولاته ، وقد شهد لها بالجنة (101) ، وقال فيها : « أُمّ أيمن أُمّي بعد أُمّي » (102) وردّ شهادتها أيضاً ، فإذا كان مثل هؤلاء يجوز ردّ شهادتهم فعلىٰ الإسلام السلام.
5 ـ لو سلّمنا أنّ شهادة علي عليه السلام كشهادة رجلٍ واحدٍ من عدول المؤمنين ، وأنّ أبا بكر وجد نقصاً في البينة ، فلم يتيقّن له الحقّ ، فهلّا استحلف فاطمة عليها السلام ليكمل النصاب باليمين مع الشاهد ، كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مثل هذه المسائل (103) ، بدلاً من أن يردّ دعواها ملغياً شهادة علي عليه السلام وأمُ أيمن.
وخلاصة القول : لقد أُخذت فدك من أهل البيت قسراً وعنوة وظلماً وجوراً ، ودليل ذلك فضلاً عما قدمناه ، ما جاء في شرح كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلىٰ عثمان بن حنيف الذي ذكرناه آنفاً ، قال عليه السلام : « فشحّت عليها نفوس قومٍ ، وسخت عنها نفوس آخرين ».
قال ابن أبي الحديد في شرحه : فشحّت ، أي بخلت ، وسخت : أي سامحت وأغضت ، وليس يعني هاهنا بالسخاء إلّا هذا ، لا السخاء الحقيقي ، لأنّه عليه السلام وأهله لم يسمحوا بفدك إلّا غصباً وقسراً ، ثم قال عليه السلام : « ونعم الحكم الله » الحكم : الحاكم ، وهذا الكلام كلام شاكٍ متظلّم (104).
ويدلّ علىٰ ذلك أيضاً كلامه عليه السلام وهو ينفض غبار قبرها عليها السلام كالمناجي لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « وستنبئك ابنتك بتضافر أُمّتك علىٰ هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهد ، ولم يخلُ منك الذكر » (105).
ولو كان أبو بكر قد استولىٰ علىٰ فدك عن حسن نية أو علىٰ اشتباه عرض له ، لكانت فاطمة عليها السلام قد أقنعته بالحجة والدليل ، ولما غضبت عليه وقاطعته حتىٰ لقيت ربها ، وأوصت أن لا يحضر جنازتها ولا يصلي عليها ، وفي هذا دليل واضح علىٰ اعتقاد بضعة المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم واعتقاد عليّ المرتضىٰ عليه السلام بأنّهم لم يشتبهوا بفدك قطّ ، وإنّما سوّلت لهم أنفسهم أمراً ، والله المستعان علىٰ ما يصفون.
أخيراً إنّ فاطمة عليها السلام لو أتت بقسامة من الشهود لردّ دعواها وعارضها بعشرات الشهود ، كما عارض شهادة علي عليه السلام وأُمّ أيمن بشهادة عمر وعبد الرحمن بن عوف ، وعارض دعواها بالارث بحديث ( لا نورث ) وأشهد عليه عمر بن الخطاب وأوس بن الحدثان وعائشة وحفصة (106) ، ذلك لأنّ السلطة كانت مصرّة علىٰ انتزاع كامل حقوق عترة المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم لأهداف تبتغيها سنأتي علىٰ بيانها لاحقاً.
أخرج الهيثمي عن الطبراني في ( الأوسط ) ، عن عمر بن الخطاب ، قال :
لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جئت أنا وأبو بكر إلىٰ علي عليه السلام فقلنا : ما تقول فيما ترك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ قال : « نحن أحقّ الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ». قال : فقلت : والذي بخيبر ؟ قال : « والذي بخيبر ». قلت : والذي بفدك ؟ قال : « والذي بفدك ». فقلت : أما والله حتىٰ تحزّوا رقابنا بالمناشير فلا (107).
وهذا في الواقع من جملة الأسباب التي أدّت بالحزب السياسي القرشي إلىٰ تخوّفه من وصول الوصيّ إلىٰ الخلافة بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فحاولوا إبعاده وإضعافه بكلِّ وسيلة ومنها فدك.
ثانياً : حرمان الزهراء عليها السلام من الإرث :
لما دفعت الزهراء عليها السلام عن نيل حقّها في أرضها بفدك ، طالبت بها عن طريق الإرث ، فكان ميراث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من موارد النزاع بينها وبين أبي بكر ، فقد ذكرت كتب التاريخ والسيرة أنّ فاطمة عليها السلام أتت أبا بكر تطالبه بحقها من ميراث الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فاعتذر إليها زاعماً بأنه سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث » وأبىٰ أن يدفع لها شيئاً.
روىٰ البخاري ومسلم وغيرهما بالاسناد عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، أنها أخبرته : أن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسلت إلىٰ أبي بكر ، تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « لا نورث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا المال ». وإنّي والله لا أُغيِّرُ شيئاً من صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عن حالها التي كانت عليها ، في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. فأبىٰ أبو بكر أن يدفع إلىٰ فاطمة شيئاً. فوجدت فاطمة علىٰ أبي بكر في ذلك.
قال : فهجرته فلم تكلمه حتىٰ توفيت ، وعاشت بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ستة أشهر ، فلمّا توفيت دفنها زوجها عليُّ بن أبي طالب ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلَّىٰ عليها علي (108).
فسمّىٰ تركة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم صدقةً ، وإذا كانت فدك وخيبر وفيء المدينة صدقة منذ زمان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فليس ثمة محلّ لروايته أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، إذ لا ميراث حتىٰ يحتاج إلىٰ رواية مثل هذا الخبر.
أما قوله : ( لأعملنّ فيها بما عمل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيريد به أنه سيجعلها لشؤونه الشخصيّة وحوائجه الخاصة ، يدلّ علىٰ ذلك حديث عائشة المروي في الصحاح ، قالت : أمّا صدقة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالمدينة ، فدفعها عمر إلىٰ علي والعباس ، وأمّا خيبر وفدك ، فأمسكهما عمر وقال : هما صدقة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلىٰ من ولي الأمر بعده ، فهما علىٰ ذلك إلىٰ اليوم » (109).
ويدلّ عليه ما رواه أبو داود عن أبي الطفيل ، قال : جاءت فاطمة عليها السلام إلىٰ أبي بكر تطلب ميراثها من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إنّ الله عزَّ وجلَّ إذا أطعم نبياً طعمة ثم قبضه ، فهي للذي يقوم من بعده (110).
وفي حديث أُمّ هانىء : أنّ أبا بكر قال لفاطمة عليها السلام : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إنّما هي طعمة أطعمنيها الله حياتي ، فإذا متُّ فهي بين المسلمين (111).
بقي أنّ حديث البخاري المتقدم يذكر أنّ الزهراء عليها السلام قد ودّعت الدنيا وهي ساخطة علىٰ أبي بكر ، ومعلوم أنّ فعل الزهراء عليها السلام وقولها لا يتجافىٰ عن الحقّ ، لأنّ الله تعالىٰ يغضب لغضبها ويرضىٰ لرضاها ، ولم تغضب فاطمة عليها السلام علىٰ أبي بكر بمجرد سماعها حديثه ، بل سخطت عليه بعد نزاع واحتجاج طويلين (112) ، حيث عارضت حديثه بالآيات العامة المشرّعة للتوارث بين المسلمين بما فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ ذكرت الآيات الدالة علىٰ توريث الأنبياء ، كعيسىٰ وداود وزكريا عليهم السلام ، وسيأتي ذلك في المبحث الثاني عند ذكر خطبتها عليها السلام.
حجيّة حديث لا نورث :
الملاحظ أنّ حديث عدم توريث الأنبياء الذي زعمه أبو بكر لا حجيّة له وأنّه مردود من عدة وجوه :
الأول : الحديث مخالف لصريح القرآن الكريم ، الذي نصّ علىٰ توريث الأنبياء عليهم السلام لعموم قوله تعالىٰ : ( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) (113) وغيرها من آيات المواريث المطلقة (114) التي تشمل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فمن دونه من سائر البشر.
ونصّ القرآن الكريم علىٰ خصوص توريث الأنبياء بقوله تعالىٰ حكاية عن زكريا عليه السلام : ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (115) ولا ريب أنّ الميراث في الاستخدام اللغوي يطلق علىٰ ما يصحّ أن ينتقل من الموروث إلىٰ الوارث علىٰ الحقيقة كالأموال وما يجري مجراها ، ولا يستعمل في غيرها إلّا مجازاً وتوسعاً ، وليس لنا أن نعدل عن ظاهر الكلام بغير قرينة قطعية ودلالة واضحة.
ومنه قوله تعالىٰ : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) (116) وهي ظاهرة في الدلالة علىٰ المراد ، إذ إنّ اطلاق لفظ الميراث يقتضي أن يراد منه الأموال وما في معناها.
وسيأتي في خطبة الزهراء عليها السلام أنّها احتجت علىٰ أبي بكر بهذه الآيات التي لا تردّ ولا تكابر ، وكذلك احتجّ بها أمير المؤمنين عليه السلام لكن أبا بكر أبىٰ إلّا اللجاج والعناد والمكابرة وعدم الانصات لصوت الحقّ والعدل.
أخرج السيوطي عن ابن سعد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « جاءت فاطمة عليها السلام إلىٰ أبي بكر تطلب ميراثها وجاء العباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه ، وجاء معهما علي عليه السلام ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا نورث ما تركنا صدقة » وما كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعول فعليّ. فقال علي عليه السلام : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) (117) وقال زكريا : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (118) فقال أبو بكر : هو هكذا ، وأنت والله تعلم مثل ما أعلم. فقال علي عليه السلام : « هذا كتاب الله ينطق ! » فسكتوا وانصرفوا » (119).
الثاني : أنّه علىٰ تقدير صحته وعدم اختلاقه ، فهو من أخبار الآحاد ، فلا يجوز الأخذ بعموم ظاهره لمخالفته للكتاب الكريم ، وحاشا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يقول بما يخالف كلام الله عزَّ وجلّ.
هذا زيادة علىٰ رفض باب مدينة علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسيدة نساء العالمين عليها السلام لما زعمه أبو بكر ، ولو كان صادقاً بزعمه ، لكانا عليهما السلام أولىٰ الخلق بحقيقة ذلك الحديث ، مما يكشف عن اختلاقه ووضعه.
ولكن أنصاره حاولوا الكذب علىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فنسبوه إلىٰ آخرين أيضاً ، مع أنّ الثابت هو اختصاص أبي بكر به وتفرّده بنقله.
قالت عائشة : إنّ الناس اختلفوا في ميراث رسول الله ، فما وجدوا عند أحدٍ من ذلك علماً ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (120).
قال ابن أبي الحديد : إنّ أكثر الروايات أنّه لم يروِ هذا الخبر إلّا أبو بكر وحده ، ذكر ذلك معظم المحدثين ، حتىٰ إنّ الفقهاء في اصول الفقه أطبقوا علىٰ ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد. وقال شيخنا أبو علي : لا تقبل في الرواية إلّا رواية اثنين كالشهادة (121).
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه : إنّ الخبر علىٰ كلِّ حال لا يخرج من أن يكون غير موجب للعلم ، وهو في حكم أخبار الآحاد ، وليس يجوز أن يرجع عن ظاهر القرآن بما يجري هذا المجرىٰ ، لأنّ المعلوم لا يُخَصّ إلّا بمعلوم ، وإذا كانت دلالة الظاهر معلومة لم يجز أن يرجع عنها بأمر مظنون (122).
وقال الشيخ الطوسي رحمه الله : إنّ هذا الخبر خبر واحد ، لم يروه إلّا أبو بكر ، وخبر الواحد لا يجوز قبوله عندنا في موضع من المواضع ، ولو قبلناه لما قبلناه في تخصيص القرآن وترك عمومه (123).
ولا ندري كيف تُقبل رواية الخصم متفرداً بحديث يناقض كتاب الله ويعارض النقل ، ولا تقبل شهادة فاطمة عليها السلام التي توافق الكتاب الكريم ولا تعارض النقل ، وهي الصديقة المطهّرة من الرجس ؟! إلّا أن يكون الخصم هو الحاكم ، وللحاكم أن يحكم بما يشاء ، والحقّ معه علىٰ أيّ حال.
الثالث : والذي يدلّ علىٰ ما تقدّم في الوجه الثاني أيضاً ، وهو يفضي إلىٰ نتيجة واحدة هي بطلان الحديث ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام والعباس عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وأُمّهات المؤمنين لم يسمعوا بهذا الحديث ، حيث طالبوا بالارث حتىٰ بعد وفاة أبي بكر ووفاة الزهراء عليها السلام.
فقد روي أنّ العباس رضي لله عنه وعليّاً عليه السلام جاءا عمر بن الخطاب يطلبان ميراثهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (124) ، وأنّ أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسلن عثمان بن عفان إلىٰ أبي بكر يسألن ميراثهن من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وردّتهن عائشة (125).
وعن الإمام الباقر عليه السلام ، قال : « جاءت عائشة إلىٰ عثمان فقالت : أعطني ميراثي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فقال لها : أولم تجيئي ومالك بن أوس النصري ، فشهدتما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، حتىٰ منعتما فاطمة ميراثها ، وأبطلتما حقّها ، فكيف تطلبين اليوم ميراثاً من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ !
فتركته وأنصرفت ، وكان عثمان إذا خرج إلىٰ الصلاة ، أخذت عائشة قميص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ قالت : إنّ عثمان قد خالف صاحب هذا القميص وترك سنّته » (126).
فهل يصح مع ذلك ما روي من أن عمر بن الخطاب ناشد عليّاً عليه السلام والعباس رضي الله عنه : هل تعلمان ذلك ؟ ـ أي حديث منع الارث ـ فقالا : قد قال ذلك (127) فإذا كانا يعلمانه ، فكيف جاء العباس وفاطمة عليها السلام إلىٰ أبي بكر يطلبان الميراث (128) ؟ وكيف جاء علي عليه السلام والعباس إلىٰ عمر بن الخطاب يطلبان الميراث ؟
فهل يصح أن يقال : إنّهما كانا يعلمان الحديث ، ثمّ جاءا يطلبان الارث الذي لا يستحقانه ؟ أو أن عليّاً عليه السلام كان يعلم ذلك ثمّ يمكّن فاطمة عليها السلام أن تخالف قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وتطلب ما لا تستحقه ، وأن تخرج من دارها وتنازع أبا بكر ، وتكلمه بما كلمته دفاعاً عن حقها ؟ مع ما لعلي عليه السلام من الزهد والعصمة والطهارة والذوبان في ذات الله والحبّ الشديد لاجراء أحكامه وسُنّة نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، إنّ أهل البيت عليهم السلام أورع وأبرّ وأتقىٰ من أن يطلبوا دنيا فانية أو عرضاً زائلاً ، خصوصاً وأن أمير المؤمنين قد ضرب أروع أمثلة الزهد في هذه الدنيا التي طلّقها ثلاثاً لا رجعة له فيها.
فهل يتصور عاقل بأنّه عليه السلام جاء ينازع المسلمين حقّهم وهو الذي عرف عنه تصلّبه في الحق إلىٰ الدرجات القصوىٰ حتىٰ أن الحق لم يترك له صديقاً !!
وفي حديث مسلم عن مالك بن أوس بن الحدثان : أنّ عمر قال للعباس وعلي عليه السلام حينما جاءا يطلبان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : فرأيتماه ـ أي أبا بكر ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً ، ثمّ قال لمّا ذكر نفسه : فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً (129). ورواه ابن أبي الحديد عن الجوهري بألفاظ أخرىٰ (130).
فكيف يران هذا الرأي ، ويحكمان هذا الحكم علىٰ أبي بكر وعمر في عملهما بأمر فدك وسائر إرث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهما يعلمان أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « لا نورث » ؟! وعليه فلا تستقيم مطالبة الزهراء عليها السلام وأمير المؤمنين عليه السلام بإرث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا لعلمهما بكذب الخبر المانع للإرث.
الرابع : لو صحّ صدور الحديث لوجب علىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يبين لورثته أن تركته صدقة لكلِّ المسلمين ، وليس لهم حقّ المطالبة بالإرث بعده ، لئلا يتعرضوا لمواضع التهمة في المطالبة بما لا يستحقونه ، وليقطع دابر الفرقة والاختلاف.
وكيف يمكن أن نتصور أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يشرّع حكماً يخالف نصوص القرآن الكريم ويخفيه عن جميع المسلمين حتىٰ عن ألصق الناس به من ورثته الذين يتعلق بهم الحكم ، ولا يبلغه إلّا لأبي بكر وهو غير وارث ؟ بل كيف يمكن أن نتصور أنّ أمير المؤمنين علياً عليه السلام وباب مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم كان يجهل هذا الحكم ، وهو أقضىٰ الاُمّة وأعلمها بالكتاب والسُنّة ؟ !
فهل يمكن أن يقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يعلم أن ورثته سيقسمون تركته من بعده وفقاً لأحكام الشريعة ؟ أو إنّه كان يعلم ذلك ولكن قصّر في تبليغ الأحكام والعياذ بالله ؟! وتلك علامات استفهام جوابها أنّ الحديث موضوع علىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
الخامس : ولو صحّ حديث أبي بكر ، لكان عليه أن يحرم جميع الورثة من أموال الرسول الخاصة به ، لكنّه ترك أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجرهن من غير بينة ولا شهادة تدلّ علىٰ الهبة أو التمليك ، ولم يُدخِل بيوت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأثاثها في الأموال العامة ، فهل الحكم بعدم التوريث مختصاً بالزهراء عليها السلام ؟
أم هناك آية خصّت عائشة وحفصة وغيرهما وأخرجت بنت المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم من الإرث ؟ وليس ثمة آية إلّا السياسة التي تجعل الحقّ باطلاً والباطل حقاً.
ولقد أوصىٰ أبو بكر حينما حضرته الوفاة أن يُدفَن إلىٰ جنب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي حجرته ، واستأذن لذلك من عائشة ، فلو كانت أمواله صدقه ، فإنّ حجرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأموال العامّة ، وينبغي لأبي بكر أن يستأذن من جميع المسلمين في ذلك ، فكأنه لم يصدق روايته.
وكان من استئثار عائشة ببيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم غير دفن أبي بكر وعمر في حجرته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أنّها منعت الإمام الحسين عليه السلام أن يدفن أخاه الحسن عليه السلام إلىٰ جانب جدّه وركبت بغلة ، وخرجت تنادي : لا تدفنوا في بيتي من لا أُحبّ ، واصطفّ بنو هاشم وبنو أُميّة للحرب ، ولكن الإمام الحسين عليه السلام قال لها :
« إنّه سيطوف بأخيه عليه السلام علىٰ قبر جده صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ يدفنه في البقيع ، ذلك لأنّ الإمام الحسن عليه السلام أوصاه أن لا يهرق من أجله ولو محجمةً من دم ».
فقال ابن عباس رضي الله عنه : واسوأتاه يوماً علىٰ بغل ، ويوماً علىٰ جمل ؟ وفي رواية : يوماً تجمّلت ، ويوماً تبغّلت ، وإن عشت تفيّلت.
فأخذه من الشعراء ابن الحجاج البغدادي مشيراً إلىٰ استئثار عائشة بكل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دون باقي نسائه ، فقال :
لكِ التسع من الثمن |
وبالكلِّ تملكتِ |
|
تجمّلتِ تبغّلتِ |
وإن شئت تفيّلتِ (131) |
وقال الصقر البصري :
ويوم الحسن الهادي |
على بغلك أسرعتِ |
|
ومايست ومانعتِ |
وخاصمتِ وقاتلتِ |
|
وفي بيت رسول اللـ |
ـه بالظلم تحكّمتِ |
|
هل الزوجة أولىٰ بالـ |
ـمواريث من البنتِ |
|
لك التسع من الثمن |
فبالكلِّ تحكّمتِ |
|
تجمّلتِ تبغّلتِ |
ولو عشت تفيّلتِ (132) |
السادس : لو صحّ الحديث لانصرفت الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام عن مطالبتها راضية مخبتة ، لكن المحقّق أنّ الزهراء عليها السلام غضبت علىٰ أبي بكر وعمر وهجرتهما بعد سماعها الحديث المفترىٰ علىٰ أبيها العظيم محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وماتت وهي ساخطة عليهما (133) ، وأوصت أن تدفن ليلاً ، وأن لا يحضرا جنازتها ، ولا يصليا عليها ، وأن يعفىٰ موضع قبرها ، فدفنها علي عليهالسلام ليلاً ، وغيّب قبرها ، ولم يعلم بها أحداً منهما (134).
وروي أن عليّاً عليه السلام سوّىٰ حول قبرها سبعة قبور مزوّرة ، ورشّ أربعين قبراً كي لا يهتدوا إلىٰ قبرها (135). وذلك تعبير واضح كالشمس عن مظلوميتها عليها السلام وأنّها مدفوعة عن حقّها مسلوبة نحلتها ظلماً وعدواناً.
ومثل هذا لا تفعله الزهراء عليها السلام بمن هو مصيب في قوله وفعله لأنّها عليها السلام لا تغضب لغير الحقّ ، وأن الله يغضب لغضبها ويرضىٰ لرضاها ، فلا يصحّ أن يقال إنّ الزهراء عليها السلام غضبت لحكمٍ صدع به من لا ينطق عن الهوىٰ أبوها المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فليس ثمّة أمرٌ أوجب موقفها ذلك ووصيتها إلّا اتهام الراوي للخبر ، إذ لو كان مصيباً وصادقاً في دعواه ، لزم أن يكون غضبها لغير الحقّ والعياذ بالله.
السابع : لو صحّ صدور الخبر لما ناقض عمر بن الخطاب عمل صاحبه ، فقسم ميراث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علىٰ أزواجه ودفع صدقته بالمدينة إلىٰ علي عليه السلام والعباس.
روىٰ البخاري في كتاب المزارعة عن نافع ، قال : إنّ عبد الله بن عمر قال :
قسّم عمر خيبر ، فخيّر أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يُقطَع لهنّ من الماء والأرض ، أو يُمضىٰ لهنّ ، فمنهنّ من اختار الأرض ، ومنهنّ من اختار الوسق ، وكانت عائشة اختارت الأرض (136).
فهذه خيبر التي طالبت الزهراء عليها السلام بنصيبها منها كميراثٍ لها من أبيها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وردّها أبو بكر ، جاء عمر فقسّمها في أيام خلافته علىٰ أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ! فإذا كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، فلماذا ترث الأزواج ولا ترث البنت ؟
وعن عائشة ، قالت : أمّا صدقة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالمدينة ، فدفعها عمر إلىٰ علي والعباس (137) ، فلو صحّ أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، وأنّ ما تركه صدقة للمسلمين ، فكيف يدفع عمر ذلك إلىٰ علي عليه السلام والعباس ؟ ولماذا لم يدفع رجال السلطة هذه الأموال في حياة الزهراء عليها السلام ، إنّها السياسة التي تطلبت أن يمنعوا حيث توجب المصالح تثبيت ركائز الدولة وتدعيم أركانها ، وأن يعطوا في وقت الرخاء والاستقرار وبسطة الفتوح.
الثامن : رويت بعض الأخبار التي تعارض حديث منع الإرث ، منها ما جاء في ( السيرة الحلبية ) عن سبط ابن الجوزي ، قال : إنّ أبا بكر كتب لفاطمة عليها السلام بفدك ، ودخل عليه عمر ، فقال : ما هذا ؟ فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها. فقال : ممّاذا تنفق علىٰ المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترىٰ ؟ ثم أخذ عمر الكتاب فشقّه (138).
وواضح من الخبر أنّه كتب بفدك لفاطمة عليها السلام علىٰ أنها إرث من أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يخالف رواية أبي بكر المانعة لتوريث الأنبياء.
ومنها ما رواه أبو الطفيل قال : أرسلت فاطمة عليها السلام إلىٰ أبي بكر : أنت ورثت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أم أهله ؟ قال : لا ، بل أهله (139) ، إلىٰ آخر الحديث وسيأتي.
قال ابن أبي الحديد : في هذا الحديث عجب ، لأنّها قالت له : أنت ورثت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أم أهله ؟ قال : بل أهله ، وهذا تصريح بأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم موروث يرثه أهله ، وهو خلاف قوله : ( لا نورث ) (140).
التاسع : لو صحّ الخبر لما قال أمير المؤمنين عليه السلام متظلّماً : « اللهمَّ إنّي استعديك علىٰ قريش ، فإنّهم ظلموني حقّي ، وغصبوني إرثي » (141).
ولما قالت الزهراء عليها السلام في قصيدتها المشهورة :
تجهّمتنا رجالٌ واستخفّ بنا |
لمّا فُقِدت وكلُّ الإرث مغتصبُ (142) |
أخيراً فإنّ أرض فدك هي حقّ خالص لفاطمة عليها السلام لا يمكن المماراة فيه سواء كان نحلة أو ميراثاً ، وأن الخبر الذي تفرّد به أبو بكر قد جرّ علىٰ الاُمّة ولا يزال مزيداً من المحن والإحن ، وفتح عليها باب العداء علىٰ مصراعيه ، وأجّج البغضاء والشحناء ، وشقّ عصا المسلمين إلىٰ اليوم.
ثالثاً : اسقاط سهم ذوي القربىٰ :
لقد نصّ الكتاب الكريم علىٰ سهم ذوي القربىٰ في قوله تعالىٰ : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (143) وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يختص بسهمٍ من الخمس ، ويخصّ أقاربه بسهمٍ آخر منه ، فلمّا ولي أبو بكر تأوّل الآية ، فأسقط سهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسهم ذوي القربىٰ ، ومنع بني هاشم من الخمس ، وجعلهم كسائر يتامىٰ المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم (144).
عن سعيد بن المسيب ، قال أخبرني جبير بن مطعم أنّه جاء هو وعثمان ابن عفان يكلمان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب ، فقلت : يا رسول الله ، قسمت لإخواننا بني المطلب ، ولم تعطنا شيئاً ، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة ؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنَّما بنو هاشمٍ وبنو المُطَّلب شيءٌ واحد ».
قال جبير : ولم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس ، كما قسّم لبني هاشم وبني المطلب ، قال : وكان أبو بكر يقسّم الخمس نحو قسم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم غير أنّه لم يكن يُعطي قربىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعطيهم ، قال : وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه (145).
ولم يقبل بنو هاشم ما عرضه عمر عليهم لأنّه دون حقّهم ، فقد رووا عن علي عليه السلام أنّه قال : « إنّ عمر قال : لكم حقّ ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كلّه ، فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرىٰ لكم ، فأبينا عليه إلّا كلّه ، فأبىٰ أن يعطينا » (146).
وعن يزيد بن هرمز : أن نجدة الحروري حين حجَّ في فتنة ابن الزبير ، أرسل إلىٰ ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربىٰ ، ويقول : لمن تراه ؟ قال ابن عباس : لقربىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قسّمه لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقّنا ، فرددناه عليه ، وأبينا أن نقبله (147).
وقد نازعت الزهراء عليها السلام أبا بكر في سهم ذوي القربىٰ ، كما نازعته في النحلة والإرث ، لكنها لم تجد أُذناً صاغية منه ، حيث تمادىٰ في إصراره علىٰ سلب هذا الحقّ الذي فرضه الله تعالىٰ في كتابه وعمل به رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
روىٰ الجوهري بالاسناد عن عروة بن الزبير ، قال : أرادت فاطمة عليها السلام أبا بكر علىٰ فدك وسهم ذوي القربىٰ ، فأبىٰ عليها ، وجعلهما في مال الله (148).
وعن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : إنّ أبا بكر منع فاطمة عليها السلام وبني هاشم سهم ذوي القربىٰ ، وجعله في سبيل الله ، في السلاح والكراع (149).
وعن أنس بن مالك ، قال : إنّ فاطمة عليها السلام أتت أبا بكر ، فقالت : لقد علمت الذي ظلمتنا عنه أهل البيت من الصدقات ، وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربىٰ ! ثمّ قرأت عليه قوله تعالىٰ : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ) الآية.
فقال لها أبو بكر : بأبي أنت وأُمّي ووالد ولدك ! السمع والطاعة لكتاب الله ولحقّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحقّ قرابته ، وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقرأين منه ، ولم يبلغ علمي منه أنّ هذا السهم من الخمس يسلّم إليكم كاملاً.
قالت عليها السلام : « أفلك هو ولأقربائك ؟ » قال : لا ، بل أُنفق عليكم منه ، وأصرف الباقي في مصالح المسلمين. قالت عليها السلام : « ليس هذا حكم الله تعالىٰ ».
قال : هذا حكم الله !! إلىٰ أن قال : وهذا عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ، فاسأليهما عن ذلك ، وانظري هو يوافقك علىٰ ما طلبت أحدٌ منهما ، فانصرفت إلىٰ عمر ، فقالت له مثل ما قالت لأبي بكر ، فقال لها مثل ما قال أبو بكر ، فعجبت فاطمة عليها السلام من ذلك ، وتظنّت أنهما كانا قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه (150).
أقول : ليس هو ظنّاً ، وإنّما اليقين ، إذ كيف يتّفق فعل أولئك علىٰ خلاف كتاب الله عزّ وجلّ ، لو لم يكن ثمة اتفاق من قبل ؟ !
وعن أُمّ هانيء ، قالت : دخلت فاطمة عليها السلام علىٰ أبي بكر بعدما استخلف ، فسألته ميراثها من أبيها فمنعها ، فقالت له : « لئن متّ اليوم من يرثك ؟ » قال : ولدي وأهلي. قالت : « فلِمَ ورثت أنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دون ولده وأهله ؟ » قال : فما فعلت يا بنت رسول الله ؟ قالت عليها السلام : « بلىٰ ، إنّك عمدت إلىٰ فدك ، وكانت صافية لرسول الله فأخذتها ، وعمدت إلىٰ ما أنزل الله من السماء فرفعته عنّا » (151).
وفي رواية اُخرىٰ عن أُمّ هانيء : قال أبو بكر لفاطمة عليها السلام : يابنة رسول الله ، ما ورث أبوك داراً ولا مالاً ولا ذهباً ولا فضة. قالت عليها السلام : « بلىٰ سهم الله الذي جعله لنا ، وصافيتنا التي بيدك ؟ » فقال : انّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يطعم أهله ما دام حيّاً ، فإذا مات رفع ذلك عنهم. وفي لفظ آخر : سمعته يقول : إنّما هي طعمة أطعمنيها الله حياتي ، فإذا متّ كانت بين المسلمين (152).
وعن أبي الطفيل ، قال : قالت فاطمة عليها السلام لأبي بكر : « أنت ورثت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أم أهله ؟ قال : لا ، بل أهله. قالت : فما بال الخمس ؟ » فقال : إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إذا أطعم الله نبيّاً طعمة ثمّ قبضه ، كانت للذي يليه بعده ، فلمّا وليت رأيت أن أردّه علىٰ المسلمين (153).
التكرم وشرع الإحسان :
لقد ثبت ممّا تقدّم أنّ الزهراء عليها السلام طالبت أبا بكر بالنحلة والإرث وسهم ذي القربىٰ ، وأنه لم يعطها شيئاً مما طلبت ، فلو فرضنا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يورث ، وأن جميع متروكاته بما فيها فدك وسهم ذي القربىٰ هي طعمة لولي الأمر بعده ، وليتصرف بها حيثما يشاء ، أو أنها من الأموال العامّة ومن حقّ الحاكم أن يتصرف بها وفقاً لمقتضيات المصلحة الإسلامية العامة.
إذن أليس من الحكمة والتدبير وشرع التكرم والاحسان أن يعطي فاطمة عليها السلام شيئاً مما طلبت ولا يردّها خائبة ؟! وهي ابنة الرسول الأكرم صلّى الله عليهوآله وسلّم التي لم يخلف بينهم غيرها ، تطييباً لخاطرها ، وحفظاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيها ، وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « المرءُ يحفظ في ولده » ، وقطعاً لدابر الفرقة والاختلاف التي حكمت حياة المسلمين سنين متمادية.
ولو فعل ذلك لم يكن بدعاً منه ، فقد أقطع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعض أراضي بني النضير لأبي بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبي دجانة (154) ، وأقطع أرضاً من أرض بني النضير ذات نخلٍ للزبير بن العوّام (155).
وتنبّه كثير من المحقّقين القدامىٰ والمحدثين لهذه المسألة ، فقد نقل عن القاضي عبد الجبار المعتزلي أنّه قال : قد كان الأجمل أن يمنعهم التكرم مما ارتكبا منها ، فضلاً عن الدين.
قال ابن أبي الحديد معلقاً : وهذا الكلام لا جواب عنه ، ولقد كان التكرم ورعاية حقّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحفظ عهده يقتضي أن تعوّض ابنته بشيء يرضيها ، وإن لم يستنزل المسلمون عن فدك ، وتسلّم إليها تطييباً لقلبها ، وقد يسوغ للإمام أن يفعل ذلك من غير مشاورة المسلمين إذا رأىٰ المصلحة فيه (156).
وقال الاُستاذ محمود أبو رية : بقي أمر لا بدّ أن نقول فيه كلمة صريحة ، ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما فعل معها في ميراث أبيها ، لأنّا إذا سلّمنا بأن خبر الآحاد الظنّي يخصّص الكتاب القطعي ، وأنه قد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد قال : إنّه لا يورث ، وأنه لا تخصيص في عموم هذا الخبر ، فإن أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة عليها السلام بعض تركة أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كأنّ يخصّها بفدك ، وهذا من حقّه الذي لا يعارضه فيه أحد ، إذ يجوز للخليفة أن يخصّ من يشاء بما يشاء ، وقد خصّ هو نفسه الزبير بن العوّام ومحمد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، علىٰ أنّ فدك هذه التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان لمروان (157).
إذن فالزهراء عليها السلام تستحق بمقتضىٰ التكرم والاحسان أن تأخذ شيئاً مما ترك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، لكنّ أبا بكر منعها وسدّ جميع السبل المؤدية إلىٰ استحقاقها ، حتىٰ ولو كان إحساناً وتكرماً ، فلماذا إذن اتخذ هذا الموقف من بضعة المصطفىٰ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟
هذا السؤال الذي توقّف ابن أبي الحديد عن الإجابة عليه آنفاً ، يحمل أكثر من إجابة تتضح في بيان أهداف السلطة من الاستيلاء علىٰ الإرث النبوي.
أهداف السلطة :
أقدمت السلطة علىٰ إلغاء امتياز البيت الهاشمي بالموروث النبوي ، وذلك لتقوية مركزها السياسي ، والاستعانة به في دعم الكيان السياسي للسلطة ، ولذا قال عمر لأبي بكر لمّا كتب بفدك لفاطمة عليها السلام : ممّاذا تنفق علىٰ المسلمين وقد حاربتك العرب (158) ؟ ولسلب القدرة الاقتصادية من أهل البيت عليهم السلام التي قد تمكّنهم من استعادة سلطانهم المسلوب ، وذلك بقطع الشريان الاقتصادي الذي يغذّي الخلافة الشرعية للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والمعارضة المتوقعة من بيت الزهراء عليها السلام ، والاطمئنان من أي حركة تستهدف الحكم.
ولو أغضينا عن تركة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في خيبر وبني النضير والمدينة وسهم ذي القربىٰ ، فإنّ فدك وحدها كان دخلها أربعة وعشرين ألف دينار في كلِّ سنة ، في رواية الشيخ عبد الله بن حماد الأنصاري ، وفي رواية غيره : سبعين ألف دينار (159) ، وإنّها كانت تغلّ في أيام عمر بن عبد العزيز عشرة آلاف دينار (160). وقيل : أربعون ألف دينار (161).
ونقل ابن أبي الحديد عن علي بن تقي من بلدة النيل (162) أنه قال : كانت فدك جليلة جداً ، وكان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل ، وما قصد أبو بكر وعمر بمنع فاطمة عليها السلام عنها إلّا ألّا يتقوىٰ علي بحاصلها وغلّتها علىٰ المنازعة في الخلافة ، ولهذا أتبَعَا ذلك بمنع فاطمة عليها السلام وسائر بني هاشم وبني المطلب حقّهم في الخمس ، فانّ الفقير الذي لا مال له تضعف همّته ويتصاغر عند نفسه ، ويكون مشغولاً بالاحتراف والاكتساب عن طلب الملك والرياسة (163).
وكانت السلطة تدرك البعد السياسي لمطالبة الزهراء عليها السلام بالحقوق المالية لأهل البيت عليهم السلام وعامة بني هاشم ، وأنّها عليها السلام اتخذت من تلك المطالبة عنواناً لثورتها علىٰ السلطة التي لا تستمد بقاءها بغير منطق القوة والسطوة ، والزهراء عليها السلام إنّما طالبت كي تبيّن الحق وتعرّي السلطة ، وتلقي الحجة علىٰ الاُمّة التي انقلبت علىٰ تعاليم السماء ، وتنكرت لنهج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصاياه.
ولهذا اجتمع رأي رجال السلطة علىٰ منع الزهراء عليها السلام من جميع حقوقها المترتبة لها بعد موت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، حتىٰ ولو كان إحساناً أو تكرماً ، وبقي أبو بكر لا يحير جواباً أمام منطق الزهراء عليها السلام القائم علىٰ الكتاب المبين وسُنّة النبي الأمين صلّى الله عليه وآله وسلّم غير أن يقول لفاطمة عليها السلام : ما كان لك أن تسأليني ، وما كان لي أن أعطيك (164).
فلو تنازلت السلطة أمام مطالب الزهراء عليها السلام وأذعنت لحجّتها البالغة ودليلها الساطع ، كان ذلك بمثابة اعتراف لما بعد فدك من الموروث النبوي الذي منه الخلافة لأمير المؤمنين عليه السلام وعترة النبي المعصومين عليهم السلام ، وهذا ما صرّحت به الزهراء عليها السلام في خطبتها المشهورة ، وإزاء هذا كان علىٰ السلطة أن تبيّن لعامة المسلمين أنّ فاطمة عليها السلام تدّعي ما ليس لها بنحلة ، وتطالب ما ليس لها بميراث ، وتريد لعلي عليه السلام الملك وليس له بحقّ !
قال ابن أبي الحديد : سألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال : نعم. قلت : فلِمَ لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة ؟ فتبسّم ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها ، لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيءٍ ، لأنّه يكون قد سجّل علىٰ نفسه أنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلىٰ بينة ولا شهود ، وهذا كلام صحيح ، وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل (165).
ولهذا استباح أبو بكر ردّ دعوىٰ الزهراء عليها السلام في النحلة ، ورفض شهادة أمير المؤمنين عليه السلام لها ، وادّعىٰ حديث منع الإرث ، ومنع سهم ذي القربىٰ عن مستحقيه.
ومن هنا فقد اكتسبت نحلة الزهراء عليها السلام بعداً سياسياً ومعنىً رمزياً ، وهو الخلافة المغتصبة ، وتجاوزت كونها أرضاً وادعة في أطراف الحجاز قدّمها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هدية لابنته الزهراء عليها السلام بأمرٍ إلهي ، لتصبح غاية سياسية تستهدف استرداد حق مسلوبٍ ، وفضح سلطان متجبر غاشم ، وتنبيه أُمّة رجعت علىٰ أعقابها القهقهرىٰ ، فوردت غير مشربها ، وسقطت في الفتنة تاركة الكتاب والعترة النبوية وأضواء السُنّة المحمدية.
ويتضح المعنىٰ الرمزي لنحلة الزهراء عليها السلام في حديث الإمام الكاظم عليه السلام مع هارون الرشيد الذي نقله الزمخشري في ( ربيع الأبرار ) قال : كان الرشيد يقول لموسىٰ الكاظم بن جعفر عليه السلام : يا أبا الحسن ، حدُّ فَدَكَ حتىٰ أردّها عليك ، فيأبىٰ حتىٰ ألحّ عليه ، فقال : « لا آخذها إلّا بحدودها ، قال : وما حدودها ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، إن حددتها لم تردّها. قال : بحقّ جدّك إلّا فعلت. قال : أما الحدّ الأول : فعدن ، فتغير وجه الرشيد ، وقال : هيه ! قال : والحدّ الثاني : سمرقند ، فاربدّ وجهه ، قال : والحدّ الثالث : أفريقية ، فاسودّ وجهه ، وقال : هيه ! قال : والرابع سِيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينية.
قال الرشيد : فلم يبقَ لنا شيء ، فتحوّل في مجلسي. قال موسىٰ عليه السلام : قد أعلمتك أنّي إن حددتها لم تردّها » (166). فهي إذن رمز لحقّ مغتصب وخلافة مسلوبة.
ويتضح الهدف السياسي جليّاً في اختلاف وجهة النظر السياسية فيها علىٰ مسار التاريخ : « فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين » فتاريخها لا يستقيم علىٰ نحو واحد ، وإنّما كان يجري علىٰ وفق أهواء السلطات السياسية ، ومطامع الحكام الشخصية ، ومواقفهم من أهل البيت عليهم السلام.
فقد أقطعها عثمان بن عفان لمروان بن الحكم (167) ، ولا ندري ما وجه تخصيص مروان بفدك ، فان كانت ميراثاً ففاطمة عليها السلام وأولادها أحقّ بها ، وإن كانت فيئاً ، فما وجه تخصيص مروان بها وهو طريد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وابن طريده ؟! هذا مع ما عرف عنه من مكرٍ وخداعٍ وانحرافٍ وعداءٍ لآل محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم !!
وروىٰ الجوهري بالاسناد عن ابن عائشة ، قال : حدثني أبي ، عن عمّه ، قال : لما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلث فدك ، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها ، وأقطع يزيد بن معاوية ، ثلثها ، وذلك بعد موت الحسن بن علي عليه السلام ، فلم يزالوا يتداولونها حتىٰ خلصت كلّها لمروان بن الحكم أيام خلافته ، فوهبها لعبد العزيز ابنه ، فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز ، فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة ، كانت أول ظلامة ردّها ، دعا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وقيل : بل دعا علي بن الحسين عليه السلام فردّها عليه.
وكانت بيد أولاد فاطمة عليها السلام مدّة ولاية عمر بن عبد العزيز ، فلمّا ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم. فصارت في أيدي بني مروان ، كما كانت يتداولونها ، حتىٰ انتقلت الخلافة عنهم ، فلما ولي أبو العباس السفاح ردّها علىٰ عبد الله بن الحسن بن الحسن ، ثمّ قبضها أبو جعفر لما حدث من بني حسن ما حدث ، ثمّ ردها المهدي ابنه علىٰ ولد فاطمة عليها السلام ، ثمّ قبضها موسىٰ ابن المهدي وهارون أخوه ، فلم تزل في أيديهم حتىٰ ولي المأمون ، فردّها علىٰ الفاطميين ، وأنشد دعبل الأبيات التي أولها :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
بردّ مأمونِ هاشمٍ فَدَكا |
فلم تزل في أيديهم حتىٰ كان في أيام المتوكل ، فأقطعها عبد الله بن عمر البازيار ، وكان فيها إحدىٰ عشرة نخلة غرسها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيده ، فكان بنو فاطمة عليها السلام يأخذون تمرها ، فإذا قدم الحجاج أهدوا لهم من ذلك التمر فيصلونهم ، فيصير إليهم من ذلك مال جزيل جليل ، فصرم عبد الله بن عمر البازيار ذلك التمر ، ووجّه رجلاً يقال له بشران بن أبي أُميّة الثقفي إلىٰ المدينة فصرمه ، ثمّ عاد إلىٰ البصرة ففلج (168).
وجميع هذه التقلّبات التي مرّ بها تاريخ فدك ، تحكي لنا البعد السياسي لمسألة فدك في التاريخ ، وتلقي الأضواء الكاشفة علىٰ قيمة الحديث الذي جاء به أبو بكر مضاداً لكتاب الله تعالىٰ وسُنّة رسوله الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم. هذا فضلاً عمّا اثبتته الزهراء عليها السلام من استحواذ السلطة علىٰ ميراثها ولو بالكذب علىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
الهوامش
1. صحيح مسلم 3 : 1257 / 1637 و 1259 / 22 ـ كتاب الوصية. وصحيح البخاري 1 : 65 / 55 ـ كتاب العلم ، و 6 : 29 / 422 و 423 ـ كتاب المغازي ، و 7 : 219 / 30 ـ كتاب المرض ، و 9 : 200 / 134 ـ كتاب التوحيد. ومسند أحمد 1 : 222 و 324 و 3 : 346. ومسند أبي يعلىٰ 4 : 298 / 2409. والبداية والنهاية 5 : 200. وتاريخ الطبري 3 : 193. وتاريخ ابن خلدون 2 : 485 . والملل والنحل / الشهرستاني 1 : 14 ـ المقدمة الرابعة. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 55 و 6 : 51 ، وقال : اتفق المحدثون كافة علىٰ روايته.
2. سورة الحجرات : 49 / 1.
3. سورة الحجرات : 49 / 2.
4. سورة الاحزاب : 33 / 36.
5. صحيح البخاري 5 : 92 ـ كتاب المناقب . وصحيح مسلم 4 : 1904 / 97 ـ كتاب فضائل الصحابة. وحلية الأولياء 2 : 40 . ومسند أحمد 6 : 77 ، 240 ، 282. والمعجم الكبير / الطبراني 22 : 415 / 1027 و 419 ـ 421 / 1034 ـ 1037 . ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 80 و 120. وفضائل فاطمة / ابن شاهين : 28 ـ 32.
6. سورة القمر : 54 / 55.
7. المعجم الكبير / الطبراني 22 : 399 / 995.
8. الكافي 1 : 459 / 3.
9. الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد 2 : 277 ـ 278. والعقد الفريد / ابن عبد ربه 3 : 296 ، المكتبة التجارية ـ مصر. وتاريخ الإسلام / الذهبي 1 : 575 ـ 576. وتاريخ الطبري 3 : 213.
10. العقد الفريد / ابن عبد ربه 5 : 10 ـ 11.
11. الموفقيات / الزبير بن بكار : 580 / 380 عن محمد بن اسحاق . وتاريخ اليعقوبي 2 : 124. وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21.
12. تاريخ اليعقوبي 2 : 124 . وتاريخ أبي الفداء 2 : 63. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 49.
13. شرح ابن أبي الحديد 2 : 56.
14. اُنظر : الاتقان / السيوطي 1 : 204. والطبقات الكبرىٰ / ابن سعد 2 : 338 . ومناهل العرفان 1 : 247. وكنز العمال 2 : 588 / 4792. وشرح ابن أبي الحديد 1 : 27 و 2 : 56.
15. راجع : مستدرك الحاكم 3 : 66 . وسنن البيهقي 8 : 152. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 50 و 51 و 56 و 57 ، و 6 : 11 و 47 و 48.
16. الجمل / الشيخ المفيد : 117.
17. الإمامة والسياسة / ابن قتيبة 1 : 12.
18. الإمامة والسياسة / ابن قتيبة 1 : 13 . وأعلام النساء / كحالة 4 : 114 ـ 115.
19. شرح ابن أبي الحديد 2 : 50 ، و 6 : 47.
20. شرح ابن أبي الحديد 2 : 56.
21. وفي رواية الطبري 3 : 202 أنّ الزبير عثر فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه. وروي أنّالذي أخذ سيف الزبير وكسره هو محمد بن مسلمة . راجع مستدرك الحاكم 3 : 66. وسنن البيهقي 8 : 152 . وكنز العمال 5 : 597. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 51 ، و 6 : 48. وفي ج 6 ص 11 منه أنّه سلمة بن أسلم.
22. شرح ابن أبي الحديد 2 : 56 ، و 6 : 48.
23. شرح ابن أبي الحديد 2 : 56.
24. السقيفة وفدك / الجوهري : 73. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 57 ، و 6 : 49.
25. في الإمامة والسياسة : ولم تردّوا.
26. الإمامة والسياسة 1 : 13. والأمالي / الشيخ المفيد : 49 / 9. والاحتجاج / الطبرسي : 80.
27. الاحتجاج / الطبرسي : 80.
28. وهو ردّ علىٰ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد صحّ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال لعلي عليه السلام : « أنت أخي في الدنيا والآخرة » ، راجع : سنن الترمذي 5 : 636 / 3720. ومسند أحمد 1 : 230. ومستدرك الحاكم 3 : 14. وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذاكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كاذب » ، راجع : فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 2 : 617 / 1055. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : 22.
29. الإمامة والسياسة / ابن قتيبة 1 : 13. والآية من سورة الأعراف : 7 / 150.
30. أنساب الأشراف / البلاذري 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت.
31. الهداية الكبرىٰ / الخصيبي : 407. وبحار الأنوار 43 : 197 / 29 ، و 53 : 18.
32. تلخيص الشافي / الطوسي 3 : 76. وبحار الأنوار 28 : 390.
33. إثبات الوصية / المسعودي : 124 ، المطبعة الحيدرية ـ النجف. وبحار الأنوار 28 : 308 / 50.
34. الصراط المستقيم / البياضي 3 : 13.
35. الغدير 6 : 391.
36. الشافي / السيد المرتضىٰ 4 : 119.
37. أنساب الأشراف 2 : 268 ، دار الفكر ـ بيروت. والشافي / السيد المرتضىٰ 3 : 241. وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 67.
38. العقد الفريد / ابن عبد ربه 5 : 12. والمختصر في أخبار البشر / أبو الفداء 2 : 64.
39. الديوان 1 : 75 ، دار الكتب المصرية ـ القاهرة.
40. سنن الترمذي 5 : 699 / 3870. ومستدرك الحاكم 3 : 149. ومسند أحمد 2 : 442. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 44.
41. مستدرك الحاكم 3 : 37 . وتاريخ الطبري 3 : 12.
42. صحيح البخاري 5 : 87 / 197 و 198 ـ كتاب الفضائل ، و 5 : 279 / 231 ـ كتاب المغازي.
وصحيح مسلم 4 : 1871 / 32 ـ 34 ـ كتاب الفضائل. ومسند أحمد 1 : 185 ، و 5 : 358. ومستدرك الحاكم 3 : 109.
43. راجع : الاحتجاج / الطبرسي : 75.
44. نهج البلاغة / صبحي الصالح : 68 الخطبة 26.
45. نهج البلاغة / صبحي الصالح : 48 الخطبة 3.
46. الموفقيات / الزبير بن بكار : 581 عن محمد بن إسحاق. وشرح ابن أبي الحديد 6 : 21.
47. مروج الذهب / المسعودي 3 : 77. وشرح ابن أبي الحديد 20 : 147. ومقاتل الطالبيين / أبو الفرج : 315.
48. وهو الابن الثالث لأمير المؤمنين عليه السلام من الزهراء عليها السلام ، وقد جاء في الروايات والأخبار أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أمر بتسميته محسناً وهو حمل في بطن أُمّه . راجع : الكافي / الكليني 6 : 18 / 2. والخصال / الصدوق : 634. والإرشاد 1 : 355.
وذكره العامّة أيضاً وقالوا : انّه مات صغيراً. راجع : تاريخ الطبري 5 : 153. والكامل / ابن الأثير 3 : 397. وأنساب الأشراف / البلاذري 2 : 411. والإصابة 3 : 471. وميزان الاعتدال / الذهبي 1 : 139. ولسان الميزان / ابن حجر 1 : 268.
49. تلخيص الشافي 3 : 156. وراجع أيضاً الاختصاص : 85. وكتاب سليم : 37. والهداية الكبرىٰ / الخصيبي : 179. وبحار الأنوار 30 : 239 ـ 240 ، و 43 : 197 / 29.
50. البدء والتاريخ / المقدسي 5 : 20. وشرح ابن أبي الحديد الحنفي المعتزلي 2 : 60.
51. الزخم : الدفع الشديد.
52. المناقب 3 : 358. وقنفذ هو ابن عمير التيمي ، ذكره ابن الأثير وابن حجر وقالا : له صحبة ، وولاه عمر مكّة ثمّ صرفه. راجع : أُسد الغابة 4 : 208. والإصابة 3 : 241. والذي في المعارف المطبوع في دار الكتب المصرية سنة 1379 هـ ص 211 : وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير ، وقد جاء في كثير من الروايات أنّه تعرّض للزهراء عليها السلام بالضرب عندما أحالت بين القوم وبين أمير المؤمنين عليه السلام. راجع : الاحتجاج / الطبرسي : 83. وكتاب سُليم : 38 و 40. ودلائل الإمامة / الطبري : 134. وبحار الأنوار 43 : 170 و 198 / 29.
53. راجع : الاحتجاج / الطبرسي : 83. ودلائل الإمامة / الطبري : 134. وكتاب سُليم : 40. ودعائم الإسلام 1 : 232. وبحار الأنوار 43 : 170 / 11 و 198 / 29.
54. الكافي 1 : 458 / 2.
55. المزار / المفيد : 156. والمقنعة / المفيد : 459. وبحار الأنوار 100 : 197 / 14 ، و 198 / 16.
56. التهذيب / الطوسي 6 : 10 / 12. والبلد الأمين / الكفعمي : 178.
57. السَّلع : شجر مرّ ، ويقال : أمرّ من السَّلع.
58. الصراط المستقيم 3 : 13.
59. الارجوزة المختارة : 88 / 92 ـ طبع سنة 1970 م ـ معهد الدراسات الإسلامية ـ كندا.
60. إثبات الهداة / الحر العاملي 4 : 1412. وأدب الطف 4 : 32.
61. سير أعلام النبلاء / الذهبي 15 : 578. وميزان الاعتدال / الذهبي 1 : 139 / 552. ولسان الميزان / ابن حجر 1 : 268 / 824.
62. الوافي بالوفيات / الصفدي 6 : 17.
63. الملل والنحل / الشهرستاني 1 : 57.
64. الفرق بين الفرق / البغدادي : 148 ، دار المعرفة. والخطط / المقريزي 2 : 346 ـ دار صادر.
65. المعجم الكبير / الطبراني 1 : 62 / 43. وتاريخ الطبري 3 : 430 حوادث سنة ( 13 هـ ). ومروج الذهب / المسعودي 2 : 301. وتاريخ اليعقوبي 2 : 137. والعقد الفريد 5 : 19. وكنز العمال 5 : 632 / 14113. وشرح ابن أبي الحديد 2 : 46 ـ 47 ، و 6 : 51. ومجمع الزوائد 5 : 203. وميزان الاعتدال / الذهبي 3 : 109 / 5763. ولسان الميزان 4 : 189 / 502. ومسند فاطمة عليها السلام السيوطي : 17 ، 34 ، 35.
66. شرح ابن أبي الحديد 6 : 45.
67. أنساب الأشراف / البلاذري 2 : 264.
68. شرح ابن أبي الحديد 6 : 47.
69. وكان عمر بن الخطاب يعلم أيضاً يقيناً بمقام علي عليه السلام ، فقد روىٰ الجوهري عن ابن عباس ، قال : إنّ عمر يشهد أن عليّاً عليه السلام أولىٰ الناس بالأمر بعد رسول الله. شرح ابن أبي الحديد 2 : 57 و 6 : 50.
70. وقعة صفين / نصر بن مزاحم : 120. وشرح ابن أبي الحديد 3 : 190. ومروج الذهب 3 : 12.
71. شرح ابن أبي الحديد 2 : 58. وقوله : جحفاً جحفاً : أي فخراً وشرفاً.
72. وقد مرّ بك قول عمر له عليه السلام : إذن والله نقتلك ، وقول أبي بكر لعمر : إن أبوا فقاتلهم وكذا في شورىٰ عثمان ، هدّده عبد الرحمن بن عوف بالقتل إن لم يبايع.
73. تاريخ الطبري 3 : 206. وأنساب الأشراف 2 : 263.
74. العقد الفريد 5 : 13.
75. أنساب الأشراف 2 : 269.
76. شرح ابن أبي الحديد 6 : 11.
77. راجع : تاريخ الطبري 3 : 15. والكامل في التاريخ / ابن الأثير 2 : 221. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 210. وسنن أبي داود 3 : 143 / 2971 ـ باب في صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأموال.
وفتوح البلدان / البلاذري : 43. ومعجم البلدان / ياقوت ـ فدك ـ 4 : 271.
78. سورة الإسراء 17 / 26.
79. الدر المنثور / السيوطي 5 : 272. وشواهد التنزيل / الحسكاني 1 : 338 / 467 ـ 473. ومجمع الزوائد / الهيثمي 7 : 49 ـ عن الطبراني. وكنز العمال 3 : 767 / 8696. وميزان الاعتدال 3 : 135 / 5872. ومقتل الحسين عليه السلام / الخوارزمي 1 : 71. ولسان العرب / ابن منظور ـ فدك ـ 10 : 473 عن علي عليه السلام دون ذكر الأية. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 268 و 275. وكشف الغمة / الاربلي : 476. ومجمع البيان / الطبرسي 6 : 634. وتفسير فرات الكوفي : 322 / 437. وتفسير العياشي 2 : 287 / 50. والشافي / المرتضىٰ 4 : 90 و 98. وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 121.
80. الكافي / الكليني 1 : 543 / 5. وعيون أخبار الرضا عليه السلام / الصدوق 1 : 232 / 1. وتفسير فرات الكوفي : 239 / 322 و 323 / 439 و 440. وتفسير العياشي 2 : 287 / 46 ـ 49. وتفسير القمي 2 : 18. والاحتجاج / الطبرسي 1 : 90 ـ 91. والاختصاص / المفيد : 184. والمناقب / ابن شهرآشوب 1 : 142. وسعد السعود / ابن طاووس : 101 ـ 102. والخرائج والجرائح / القطب الراوندي 1 : 112 / 187. وكشف الغمة / الاربلي 1 : 476. والتبيان / الطوسي 6 : 468 و 8 : 253 . ومجمع البيان / الطبرسي 8 : 478 عن سورة الروم آية ( 38 ). وإعلام الورىٰ / الطبرسي : 1 : 209.
81. نهج البلاغة / صبحي الصالح : 417 / الكتاب 45. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 208.
82. شرح ابن أبي الحديد 16 : 278. وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 128.
83. السقيفة وفدك / الجوهري : 146 . وكشف الغمة / الاربلي 1 : 495.
84. الشافي / المرتضىٰ 4 : 102. وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 127. والسقيفة وفدك / الجوهري : 104. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 217. والطرائف / ابن طاووس : 248.
85. فتوح البلدان / البلاذري : 46. ومعجم البلدان / ياقوت ـ فدك ـ 4 : 272. والشافي / المرتضىٰ 4 : 102.
86. راجع : الكافي / الكليني 1 : 543 / 5. وعلل الشرائع / الصدوق : 191 / 1 ـ باب ( 151 ). والاختصاص : 183.
87. راجع : السيرة الحلبية 3 : 362. ومعجم البلدان / ياقوت ـ فدك ـ 4 : 272. والصواعق المحرقة / الهيتمي : 37 ـ الشبهة السابعة. وسنن النسائي 2 : 179. وفتوح البلدان / البلاذري : 44. وفاء الوفا / السمهودي 3 : 999. والملل والنحل / الشهرستاني 1 : 17 ـ المقدمة الرابعة. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 220. وكشف الغمة 1 : 478.
88. شرح ابن أبي الحديد 16 : 214 و 225.
89. راجع : شرح ابن أبي الحديد 16 : 234 و 274. وتفسير القمي 2 : 155 و 326. وتفسير العياشي 2 : 287 / 49. والكافي / الكليني 1 : 543 / 5. والشافي / المرتضىٰ 4 : 97. وتلخيص الشافي 3 : 124 ـ 125. والاحتجاج / الطبرسي : 91. والاختصاص / المفيد : 185. وأعلام النساء / كحالة 4 : 118. والتتمة في تواريخ الأئمة عليهم السلام / تاج الدين العاملي : 43.
90. السيرة الحلبية 3 : 362 ، المكتبة الإسلامية ـ بيروت.
91. شرح ابن أبي الحديد 16 : 216.
92. راجع : الكافي / الكليني 1 : 543 / 5. وعلل الشرائع : 191 / 1 ـ باب ( 151 ). والاختصاص : 183.
93. شرح ابن أبي الحديد 16 : 216.
94. شرح ابن أبي الحديد 16 : 274. وتلخيص الشافي 3 : 124.
95. علل الشرائع : 191 / 1 ـ باب ( 151 ). وتفسير القمي 3 : 156. وكتاب سُليم : 100. والاحتجاج / الطبرسي : 92.
96. صحيح البخاري 4 : 14 / 46 ـ باب من أقام البينة بعد اليمين. وسنن البيهقي 6 : 302.
97. الطبقات الكبرىٰ 2 : 318 . وكنز العمال 5 : 626 / 14102.
98. راجع : سنن ابن ماجة 1 : 44 . والاستيعاب 4 : 170. وأُسد الغابة 5 : 287. وفضائل الصحابة / ابن حنبل 2 : 586 / 993 . والرياض النضرة 3 : 106 و 110 . وخصائص النسائي : 6 / 63.
99. راجع : الدر المنثور / السيوطي 8 : 224 . وتفسير القرطبي 18 : 189.
100. سنن الترمذي 5 : 633 / 3714. ومستدرك الحاكم 3 : 124. وتاريخ بغداد 14 : 321.
101. كنز العمال 12 : 146 / 34416.
102. كنز العمال 12 : 146 / 34417.
103. راجع : مجمع الزوائد 4 : 202. وكنز العمال 5 : ح 14498 ، و 7 : ح 17753.
104. شرح ابن أبي الحديد 16 : 208.
105. نهج البلاغة / صبحي الصالح ـ الخطبة ( 202 ). والكافي / الكليني 1 : 459. وشرح ابن أبي الحديد 10 : 265.
106. قرب الاسناد / الحميري : 990 / 335. وتفسير القمي 2 : 156. والاختصاص / المفيد : 183. وبحار الأنوار 29 : 156 / 31.
107. مجمع الزوائد 9 : 39 .
108. صحيح البخاري 5 : 288 / 256 ـ كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر. وصحيح مسلم 3 : 1380 / 1759 ـ كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا نورث ». وسنن أبي داود 3 : 142 / 2968 ـ باب صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
109. صحيح البخاري 6 : 178 / 2 ـ كتاب الخمس. وصحيح مسلم 3 : 1382 / 54 ـ كتاب الجهاد والسير . وسنن أبي داود 3 : 143 / 2970 ـ باب في صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأموال. وسنن البيهقي 6 : 301. ومسند أحمد 1 : 6.
110. سنن أبي داود 3 : 144 / 2973 ـ باب في صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأموال. والرياض النضرة / المحب الطبري 1 : 191. وسنن البيهقي 6 : 303. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 15. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 219.
111. فتوح البلدان / البلاذري : 45 . ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 13. ونحوه في شرح ابن أبي الحديد 16 : 232. والسقيفة وفدك / الجوهري : 117 عن مولىٰ أُمّ هانيء.
112. راجع طرفاً من احتجاجاتها ومطالبتها عليها السلام بالارث في كشف الغمة / الأربلي 1 : 478. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 219. وفتوح البلدان / البلاذري : 44.
113. سورة النساء : 4 / 7.
114. راجع : سورة النساء : 4 / 11. وسورة الأنفال : 7 / 75.
115. سورة مريم : 19 / 5 ـ 6.
116. سورة النمل : 27 / 16.
117. سورة النمل : 27 / 16.
118. سورة مريم : 19 / 6.
119. مسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 17.
120. الصواعق المحرقة : 34 ، كنز العمال 7 : 226 و 235 و 236 و 237 ، 11 : 475 و 479 ، 12 : 488 ، منتخب كنز العمال 4 : 364.
121. شرح ابن أبي الحديد 16 : 227.
122. الشافي / المرتضىٰ 4 : 66.
123. تلخيص الشافي 3 : 137 ـ 138.
124. شرح ابن أبي الحديد 16 : 229.
125. صحيح البخاري 7 : 268 / 7 كتاب الفرائض ـ باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا نورث » . وسنن أبي داود 3 : 45 / 2976 ـ كتاب الخراج والامارة والفيء. وسنن البيهقي 6 : 301. وشرح ابن أي الحديد 16 : 223.
126. الأمالي / المفيد : 125 / 3. وكشف الغمة 1 : 479.
127. صحيح البخاري 7 : 267 / 5 ، كتاب الفرائض ـ باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا نورث ». وسنن البيهقي 6 : 299 . وشرح ابن أبي الحديد 16 : 222.
128. صحيح البخاري 7 : 266 / 3 كتاب الفرائض ـ باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا نورث ». وسنن البيهقي 6 : 300. ومسند أحمد 1 : 10. وتاريخ الطبري 3 : 208. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 46 و 16 : 218. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 17.
129. صحيح مسلم 3 : 1379 / 49 ، ورواه البخاري في الصحيح 7 : 267 / 5 وأبو داود في السنن 3 : 139 ، والبيهقي في السنن 6 : 299 بدون ذكر الألفاظ.
130. شرح ابن أبي الحديد 16 : 222 و 227 و 229.
131. الخرائج والجرائح / القطب الراوندي 1 : 243.
132. المناقب / ابن شهرآشوب 4 : 45.
133. صحيح البخاري 5 : 288 / 256 ـ كتاب المغازي. وصحيح مسلم 3 : 1380 / 1759 ـ كتاب الجهاد والسير. وسنن أبي داود 3 : 142 / 2968 ـ باب صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. ومسند أحمد 1 : 6 و 9. ومشكل الآثار / الطحاوي 1 : 48. وسنن البيهقي 6 : 300 ـ 301. والبداية والنهاية 5 : 249 . وتاريخ الطبري 3 : 202 . وجامع الاُصول 4 : 482. وتاريخ المدينة / ابن شبّة 1 : 110.
134. راجع : مستدرك الحاكم 3 : 162. والعمدة / ابن البطريق : 390 ـ 391. وروضة الواعظين / الفتال : 151. وعلل الشرائع / الصدوق : 185 و 188 و 189. وكشف الغمة / الاربلي 1 : 494. والكافي / الكليني 1 : 458. ومعاني الأخبار : 356.
135. المناقب / ابن شهرآشوب 3 : 363. والشافي / المرتضىٰ 4 : 115. وتلخيص الشافي / الطوسي 3 : 130. ودلائل الإمامة / الطبري : 136.
136. صحيح البخاري 3 : 211 ـ باب المزارعة ـ بالشطر ونحوه.
137. صحيح البخاري 6 : 178 / 2 ـ كتاب الخمس. وصحيح مسلم 3 : 1382 / 54 ـ كتاب الجهاد والسير. وسنن أبي داود 3 : 143 / 2970 ـ باب في صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأموال. وسنن البيهقي 6 : 301. ومسند أحمد 1 : 6.
138. السيرة الحلبية 3 : 362.
139. الرياض النضرة / المحب الطبري 1 : 191. وسنن البيهقي 6 : 303. ومسند أحمد 1 : 4. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 219. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 15 عن مسلم وأحمد وأبي داود وابن جرير.
140. شرح ابن أبي الحديد 16 : 219.
141. شرح ابن أبي الحديد 10 : 286.
142. سيأتي تخريجها في المبحث الثاني من هذا الفصل.
143. سورة الأنفال : 8 / 41.
144. راجع : الكشاف 2 : 221. وفتح القدير / الشوكاني 2 : 310 ـ 313. وتفسير القرطبي 8 : 9 ـ 15. وتفسير الطبري 10 : 4 و 5 و 7.
145. سنن أبي داود 3 : 45 / 2978 ـ باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربىٰ. ومسند أحمد 4 : 83. ومجمع الزوائد / الهيثمي 5 : 341.
146. سنن البيهقي 6 : 344. ومسند الشافعي : 187.
147. سنن أبي داود 3 : 145 / 2982 ـ باب في بيان مواضع قسم الخمس. ومسند أحمد 1 : 320 و 324. وسنن البيهقي 6 : 344 ـ 345. وفتح القدير / الشوكاني 2 : 312.
148. شرح ابن أبي الحديد 16 : 231.
149. شرح ابن أبي الحديد 16 : 231.
150. شرح ابن أبي الحديد 16 : 231.
151. شرح ابن أبي حديد 16 : 232. والسقيفة وفدك / الجوهري : 116.
152. فتوح البلدان / البلاذري : 44 ـ 45. والسقيفة وفدك. الجوهري : 117. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 232. ومسند فاطمة عليها السلام السيوطي : 13.
153. سنن البيهقي 6 : 303. والرياض النضرة / المحب الطبري 1 : 191. ومسند أحمد 1 : 4. وشرح ابن أبي الحديد 16 : 219. ومسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 15 عن مسلم وأحمد وأبي داود وابن جرير.
154. فتوح البلدان / البلاذري : 31.
155. فتوح البلدان / البلاذري : 34.
156. شرح ابن أبي الحديد 16 : 286.
157. مجلة الرسالة المصرية ، العدد ( 518 ) السنة ( 11 ) الصحفة ( 457 ) ، ونحوه في شيخ المضيرة أبو هريرة : 169 ، الطبعة الثالثة . والنص والاجتهاد / شرف الدين : 70.
158. السيرة الحلبية 3 : 362.
159. كشف المحجة / ابن طاووس : 182.
160. صبح الأعشىٰ 4 : 291.
161. سنن أبي داود 3 : 144 / 2972 ـ باب في صفايا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
162. بلدة تقع في سواد الكوفة قرب الحلة.
163. شرح ابن أبي الحديد 16 : 236 ـ 237.
164. فتوح البلدان / البلاذري : 45. ومعجم البلدان / ياقوت ـ فدك ـ 4 : 273. والعقد الفريد / ابن عبد ربه 6 : 171.
165. شرح ابن أبي الحديد 16 : 284.
166. ربيع الأبرار / الزمخشري ١ : ٣١٦. والمناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٣٢٠. وبحار الأنوار ٤٨ : ١٤٤ / ٢٠.
167. السيرة الحلبية 3 : 50 ، شرح ابن أبي الحديد 16 : 216. العقد الفريد 5 : 33. وتاريخ أبي الفداء 2 : 79. والسنن الكبرىٰ / البيهقي 6 : 301.
168. شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٦ ـ ٢١٧. والسقيفة وفدك / الجواهري : ١٠٣. وراجع : فتوح البلدان / البلاذري : ٤٥ ـ ٤٦. ومعجم البلدان / ياقوت ٤ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣. والطرائف / ابن طاووس : ٢٥٢ ـ ٢٥٣. والكامل في التاريخ ٣ : ٣٤٨ و ٤٥٧ و ٤٩٧ ، و ٥ : ٦٣ ، و ٧ : ١١٦.
مقتبس من كتاب : سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام / الصفحة : 140 ـ 195
التعلیقات