علامات الظهور من لسان الحجه عجّل الله تعالى فرجه

طباعة

228 - وأخبرنا جماعة ، عن التلعكبري ، عن أحمد بن علي الرازي ، عن علي بن الحسين ، عن رجل - ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه - عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعاني قال : دخلت إلى علي بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي (2) فسألته عن آل أبي محمد عليه السلام فقال (3) : يا أخي لقد سألت عن أمر عظيم ، حججت عشرين حجة كلا أطلب به عيان الامام فلم أجد إلى ذلك سبيلا ، فبينا أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول : يا علي بن إبراهيم ! قد أذن الله لي في الحج ، فلم أعقل ليلتي حتى أصبحت ، فأنا مفكر في أمري أرقب الموسم ليلي ونهاري.
فلما كان (4) وقت الموسم أصلحت أمري ، وخرجت متوجها نحو المدينة ، فما زلت كذلك حتى دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمد عليه السلام ، فلم أجد له أثرا ولا سمعت له خبرا ، فأقمت مفكرا في أمري حتى خرجت من المدينة أريد مكة ، فدخلت الجحفة وأقمت بها يوما وخرجت منها متوجها نحو الغدير ، وهو على أربعة أميال من الجحفة ، فلما أن دخلت المسجد صليت وعفرت واجتهدت في الدعاء وابتهلت إلى الله لهم ، وخرجت أريد عسفان ، فما زلت كذلك حتى دخلت مكة فأقمت بها أياما أطوف البيت وأعتكفت (5).
فبينا أنا ليلة في الطواف ، إذا أنا بفتى حسن الوجه ، طيب الرائحة ، يتبختر في مشيته (6) طائف حول البيت ، فحس قلبي به ، فقمت نحوه فحككته ، فقال لي من أين الرجل؟ فقلت : من أهل [ العراق فقال : من أي ] (7) العراق؟ قلت : من الاهواز.
فقال لي : تعرف (8) بها الخصيب (9) ؟ فقلت : رحمه الله ، دعي فأجاب ، فقال : رحمه الله ، فما كان أطول ليلته وأكثر تبتله وأغزر دمعته ، أفتعرف علي بن إبراهيم بن المازيار (10) ؟ فقلت : أنا علي بن إبراهيم.
فقال : حياك الله أبا الحسن ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام؟ فقلت : معي قال : أخرجها ، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها ، فلما أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت (11) عيناه ( بالدموع ) (12) وبكى منتحبا حتى بل أطماره ، ثم قال : أذن لك الآن يا بن مازيار ، صر إلى رحلك وكن على أهبة من أمرك ، حتى إذا لبس الليل جلبابه ، وغمر الناس ظلامه ، سر (13) إلى شعب بني عامر ! فإنك ستلقاني هناك فسرت (14) إلى منزلي.
فلما أن أحسست (15) بالوقت أصلحت رحلي وقدمت راحلتي وعكمته (16) شديدا ، وحملت وصرت في متنه وأقبلت مجدا في السير حتى وردت الشعب ، فإذا أنا بالفتى قائم ينادي يا أبا الحسن إلي ، فما زلت (17) نحوه ، فلما قربت بدأني بالسلام وقال لي : سر بنا يا أخ فما زال يحدثني وأحدثه حتى تخرقنا (18) جبال عرفات ، وسرنا إلى جبال منى ، وانفجر الفجر الاول ونحن قد توسطنا جبال الطائف.
فلما أن كان هناك أمرني بالنزول وقال لي : إنزل فصل صلاة الليل ، فصليت ، وأمرني بالوتر فأوترت ، وكانت فائدة منه ، ثم أمرني بالسجود والتعقيب ، ثم فرغ من صلاته وركب ، وأمرني بالركوب وسار وسرت معه حتى علا ذروة الطائف ، فقال : هل ترى شيئا؟ قلت : نعم أرى كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقد البيت نورا.
فلما أن رأيته طابت نفسي ، فقال لي : هناك الامل والرجاء ، ثم قال : سر بنا يا أخ فسار وسرت بمسيره إلى أن انحدر من الذروة وسار في أسفله ، فقال : إنزل فها هنا يذل كل صعب ، ويخضع كل جبار ، ثم قال : خل عن زمام الناقة ، قلت فعلى من أخلفها؟ فقال : حرم القائم عليه السلام ، لا يدخله إلا مؤمن ولا يخرج (19) منه إلا مؤمن ، فخليت من (20) زمام راحلتي ، وسار وسرت معه إلى أن دنا من باب الخباء ، فسبقني بالدخول وأمرني أن أقف حتى يخرج إلي.
ثم قال لي : أدخل هنأك السلامة ، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتشح ببردة واتزر بأخرى ، وقد كسر بردته على عاتقه ، وهو كأقحوانة أرجوان قد تكاثف عليها الندى ، وأصابها ألم الهوى ، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان ، سمح سخي تقي نقي ، ليس بالطويل الشامخ ، ولا بالقصير اللازق ، بل مربوع القامة ، مدور الهامة ، صلت الجبين ، أزج الحاجبين ، أقنى الانف ، سهل الخدين ، على خده الايمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر.
فلما أن رأيته بدرته بالسلام ، فرد علي أحسن ما سلمت عليه ، وشافهني وسألني عن أهل العراق ، فقلت سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة ، وهم بين القوم أذلاء فقال لي : يا بن المازيار لتملكونهم كما ملكوكم ، وهم يومئذ أذلاء ، فقلت ، سيدي لقد بعد الوطن وطال المطلب ، فقال : يا بن المازيار ( أبي ) (21) أبومحمد عهد إلي أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ( ولعنهم ) (22) ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم ، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها ، ومن البلاد إلى عفرها (23) ، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي فأنا في التقية إلى يوم يؤذن لي فأخرج ، فقلت يا سيدي متى يكون هذا الامر؟ فقال : إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة ، واجتمع الشمس والقمر (24) واستدار بهما (25) الكواكب والنجوم ، فقلت متى يا بن رسول الله؟ فقال لي : في سنة كذا وكذا تخرج دابة الارض ( من ) (26) بين الصفا والمروة ، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان ، يسوق الناس إلى المحشر.
قال ، فأقمت عنده أياما وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي وخرجت نحو منزلي ، والله لقد سرت من مكة إلى الكوفة ومعي غلام يخدمني فلم أر إلا خيرا وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما (27).

(2) في نسخ " أ ، ف ، م " بالاهواز.
(3) في البحار : قال.
(4) في نسختي " ف ، ح " كان (حان خ ل) وفي نسختي " أ ، م " حان.
(5) في نسخة " ف " اعتكف.
(6) في نسختي " ف ، م " مشيه.
(7) من نسخ " أ ، ف ، م " والبحار وفيه : فقال لي من أي.
(8) في نسخ " أ ، ف ، م " أتعرف.
(9) في البحار [ابن] الخضيب.
(10) ينبئ كلامه هذا أن مهزيار أصله مازيار فتحرر.
(11) يقال : تغرغرت عينه بالدمع إذا تردد فيها الدمع.
(12) ليس في البحار.
(13) في البحار : صر.
(14) في البحار : فصرت.
(15) في البحار : حسست.
(16) الضمير راجع إلى الراحلة والراحلة تؤنث وتذكر وفي البحار : عكمتها.
(17) فما زلت نحوه : أي أنحو نحوه.
(18) تخرقنا : بالخاء المعجمة والراء المشددة أي قطعنا.
(19) في الاصل : ولا يخرجه.
(20) في البحار : عن زمام.
(21) ليس في نسختي " ف ، م ".
(22) ليس في البحار.
(23) في نسخة " ف " أقفرها وفي البحار : ونسختي " أ ، م " قفرها.
(24) لعل المراد قرب الامر بقيام الساعة التي يكون فيها اجتماع الشمس والقمر ، ولا يبعد أن يكون الشمس والقمر والنجوم كنايات عن الرسول وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم أجمعين.ويمكن الحمل على ظاهره (البحار).
(25) في نسخة " ف " بها.
(26) ليس في نسخ " أ ، ف ، م ".
(27) عنه تبصرة الولي ح 65 ، وفي البحار : 52 / 9 ح 6 عنه وعن دلائل الامامة : 296 بإسناده عن علي بن إبراهيم بن مهزيار نحوه مختصرا.

مقبس من کتاب : الغيبة للشيخ الطوسي  الجزء : 1