فاطمة الزهراء سلام الله عليها في سطور - وفاتها

 

وفاتها
لم تُبق المصائب والأحزان من فاطمة الزهراء عليها السّلام شيئاً حتّى أذابتها ، وجعلتها طريحة فراشها. لكنّها في يومها الأخير قامت فنادت على أمّ سلمى زوجة أبي رافع أن تسكب لها ماءً ، فاغتسلت ولبست ثيابها الجُددَ ، ونامت مستقبلة القبلة. وأوصت أسماءَ بنت عُمَيس ببعض وصاياها ، فلمّا نادتها أسماء لم تُجبها. حيث قضت نحبها وحلّ أجلها ، وأوحش فراقها ، وفُجع بها زوجها وبنوها وقد ودّعوها وداعاً مريراً لا يوصف.
وترحل سيدةُ نساء العالمين عن هذا العالم ولم يكن لها من عمرها الشريف المبارك إلاّ ثماني عشرة سنة ، فأفجعت وما زالت فجيعتها تعيش في صدور المحبّين الموالين. وكانت وفاتها ، بل شهادتها في الثالث من جُمادى الآخرة سنة إحدى عشرة من الهجرة النبويّة الشريفة. أي بعد رحيل أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله بـ 95 يوماً على أشهر الروايات ، وإن قوي عند البعض أنّ وفاتها كانت بعد أربعين يوماً ـ كما ذكر الزرنديّ الحنفيّ في ( نظم درر السمطين ص 81 ) ، أو بعد شهرين ـ كما روى الحاكم النيسابوريّ في ( المستدرك 163 : 3 ) عن عائشة وعن جابر الأنصاريّ. وكذا ابن عساكر عن ابن الزبير في ( تهذيب تاريخ دمشق 299 : 1 ) ، وقال بعضهم : ثلاثة اشهر ، أو ستّة أشهر.

دفنها
قال الخوارزميّ في ( مقتل الحسين عليه السّلام 83 : 1 ) : لمّا تُوفّيت دفنها عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ليلاً ، ولم يُؤذِن بها أبا بكر ، وصلّى عليها عليّ عليه السّلام. وقال البخاريّ ينقل عن عائشة : فوجَدَتْ فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلّمه حتّى تُوفّيت.. فلمّا تُوفّيت دفنها زوجها عليٌّ ليلاً ، ولم يُؤذِن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ( صحيح البخارى 5 : 139 ).
دُفنت ليلاً بوصيّة منها ، إذ كانت ساخطةً على أقوام كرهت حضورهم جنازتها ، فعبّرت عن تألّمها منهم. لكنْ شهد نفرٌ من كبار الصحابة تشييعها ليلاً ، وتولّى أمير المؤمنين عليه السّلام دفنها سرّاً وعفّى قبرها؛ عملاً بوصيّتها سلام الله عليها.. ثمّ وقف عند قبرها وقد هاجت به أحزانه فقال : السّلام عليكَ يا رسولَ الله ، السّلام عليكَ من ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك ، وزائرتِك والبائتةِ في الثرى ببقعتك ، المختارِ اللهُ لها سرعةَ اللَّحاق بك.
قَلَّ يا رسولَ الله عن صفيّتك صبري ، وضَعُفَ عن سيّدة النساء تَجلُّدي ، إلاّ أنّ في التأسّي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضعَ التعزّي ، ...
بلى ، وفي كتاب الله لي أنعمُ القبول ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون. قد استُرجِعَت الوديعة ، وأُخِذَت الرهينة ، وأُخلِسَت الزهراء ، فما أقبحَ الخضراءَ والغبراء ! يا رسولَ الله ، أمّا حُزني فسرمَد ، وأمّا ليلي فمُسَهَّد... وستُنبئك ابنتكَ بتظافر أُمّتك على هضمها ، فأحفِها السؤال ، واستَخبِرْها الحال ، فكم مِن غليلٍ مُعتَلجٍ بصدرها لم تَجِد إلى بَثّه سبيلاً ! وستقولُ ويحكمُ الله ، والله خير الحاكمين...
فبعينِ الله تُدفَن ابنتُك سرّاً ، وتُهضم حقَّها ، ويُمنع إرثُها ! ولم يتباعد العهد ، ولم يَخَلقْ منك الذِّكر ، وإلى الله ـ يا رسولَ اللهِ ـ المشتكى ، وفيكَ يا رسولَ اللهِ أحسن العزاء. صلّى الله عليك ، وعليها السّلام والرضوان.

 

 
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
نسخة الجوال للمكتبة الإسلامية
شاهد المكتبة الإسلامية في جوالك بشكل يلائم جميع أجهزة المحمولة.
خدمة الأوقات الشرعية
يمكنك باستخدام هذه الخدمة ، مشاهدة اوقات الصلاة واستماع صوت الأذان لمدينة خاصة في موقعك.